بدأت قوى سياسية عراقية موالية لإيران، التشكيك في الاستثمارات التي تضخها "المراعي" السعودية، عقب أنباء عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الجارتين السعودية والكويت منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وتحاول بعض القوى السياسية "الولائية"، وضع العراقيل أمام تلك التحركات الخارجية خشية مضي الحكومة العراقية في تحريك اتفاقيات بين البلدين في مجال الاستثمار .
وكانت زيارة مقررة للكاظمي في يوليو/تموز الماضي، إلى الرياض أرجأت، بعد دخول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى المشفى نتيجة عارض صحي، لتنتهي الجولة الخارجية عند العاصمة الإيرانية طهران.
وأكدت الحكومة العراقية حينها أن الزيارة ماتزال قائمة حال توفر الظروف والترتيبات اللازمة.
وأفادت مصادر مقربة من رئيس الوزراء، بأن الكاظمي يعتزم التحرك في ثالث جولة خارجية له بعد تسمله رئاسة الوزراء، تشمل الكويت والسعودية.
وأوضحت المصادر أن الهدف منها تعزيز العلاقات مع الجارتين وتفعيل مذكرات واتفاقيات سعودية عراقية في مجال استثمار مناطق صحراوية. وكان الأمين العام لمجلس الوزراء حميد نعيم الغزي أشار خلال بيان، في الـ29 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن السعودية أبدت رغبتها بالمساهمة في استثمار مناطق البادية، بينما وجهت بحسم ملف مساحة (150) ألف دونم في محافظة المثنى، جنوب العراق لعرضها على الرياض.
وأوضح البيان أن "الغزي ترأس اجتماعًا لمناقشة آلية استثمار الأراضي الزراعية في محافظات النجف وكربلاء والأنبار والمثنى، بحضور الجهات ذات العلاقة"، مؤكدا "اهتمام الحكومة بتنشيط القطاع الزراعي، وضرورة استثمار المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، لما تمتلكه من بيئة خصبة مع وفرة كافية من المياه، من أجل خلق فرص عمل للكفاءات وزيادة الإيرادات المالية".
وتأتي تلك الاتفاقيات في مجال استصلاح الأراضي الصحراوي، كإحدى مخرجات التعاون السعودي العراقي بعد تدشين عهد جديد في العلاقات بين بغداد والرياض، منذ حكومة حيدر العبادي عام 2017.
وكانت وزارة التجارة العراقية، كشفت في الخامس من أبريل/نيسان 2018، أن المجلس التنسيقي المشترك بين بغداد والرياض يدرس الاستثمار في مليون هكتار من الأراضي الزراعية بمحافظة الأنبار في غرب البلاد.
وتخطط السعودية للاستثمار في مساحات واسعة في بادية السماوة العراقية التي تقع في منطقة حدودية بين البلدين، بهدف تحويلها إلى حقول للأبقار والماشية والدواجن، على غرار تجربة "المراعي" الرائدة في المنطقة.
وتعد المراعي السعودية التي بدأت نشاطها في العام 1977 واحدة من بين أكبر الشركات الخليجية المتخصصة في منتجات الألبان والمواد الغذائية الاستهلاكية ولديها مزارع في الولايات المتحدة وأوكرانيا والأرجنتين وبولندا.
وشهدت العلاقات السعودية العراقية، توترا وقطيعة دبلوماسية استمرت أكثر من عقدين ونيف من الزمن، عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990، فيما أثمرت تحركات قادتها واشنطن بانفتاح الرياض مجددا على بغداد، والتي بدأت بتبادل الزيارات على أعلى المستويات عام 2017.
وانعكست نتائج العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بتأسيس المجلس التنسيقي للتعاون المشترك في عدد من المجالات بينها الطاقة والاقتصاد والأمن.
يأتي ذلك في وقت، برزت دعوات معارضة من بعض الأحزاب السياسية القريبة من إيران بينها ائتلاف دولة القانون الذي يتراسه المالكي وميليشيا عصائب "أهل الحق"، برئاسة قيس الخزعلي.
ودعا ائتلاف المالكي في بيان، الجهات الرسمية إلى إيقاف مشروع منح السعودية أراضي للاستثمار في بادية العراق (كربلاء، النجف، المثنى)"، معتبرا أن هذا الأمر فيه "تداعيات خطيرة على أمن وسيادة البلاد".