قتلت عائلة كاملة، من النساء والأطفال، في العراق، الأسبوع الفائت، في هجمات صاروخية استهدفت مطار بغداد والقاعدة العسكرية التي تستضيف جنودا أمريكيين به.
وأثارت الصدمة التي حملتها مشاهد الضحايا من الأطفال، رفضا وغضبا شعبيين، ما أوقف تلك القذائف لأيام معدودة، لتعاود بعدها قذائف الكاتيوشا إلى الطيران فوق رؤوس المدنيين في بغداد وتسقط في مناطق مدنية.
ورغم الانتقادات التي تتعرض لها، تبدو الحكومة العراقية جادة فعلا لإيقاف الهجمات التي أصبحت تثير "الإحراج" وتتسبب بتشويه "سمعة الدولة العراقية" كما يقول بيان للحكومة أعلنت فيه تشكيل "لجنة تحقيق" في الخروق الأمنية.
وقال المحلل السياسي سلام نوري لموقع قناة "الحرة"، إن "الحكومة تبدو عازمة على البدء بشكل فعلي في مواجهة مطلقي الصواريخ"، مبينا أن ما يميز هذه اللجنة ليس أعضاءها القياديين في الأجهزة الأمنية أو ترؤس رئيس الوزراء لأول اجتماعاتها، ولكن أيضا تزامن إعلانها مع ما يبدو أنه تصعيد ديبلوماسي عراقي باتجاه الدول التي يعتقد أنها تدعم المسلحين.
وبحسب الضابط السابق والمحلل الأمني صفاء الأعسم فإن الجهات التي تطلق الصواريخ والتي تستهدف المنطقة الخضراء وأربيل ومسؤولة عن حادث الرضوانية تمتلك سلاحا ثقيلا لا يمكن أن تمتلكه بدون "اتفاق مع دول".
وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قال في وقت سابق إنه يجب "نقل الحوار مع إيران من تحت الطاولة إلى فوق الطاولة"، خلال حديثه لقناة "العراقية" الرسمية عن التداعيات الدبلوماسية لاستمرار استهداف السفارة الأميركية من قبل مطلقي الصواريخ.
وزار حسين إيران، الأسبوع الماضي، وقال إنه "شرح للمسؤولين الإيرانيين الوضع الراهن"، مبيناً "نحتاج حواراً مع إيران شفافاً وواضحاً على وفق أسس معلومة".
وبحسب المحلل سلام نوري فإن هذا يعني لأن الحكومة العراقية بدأت تلمح بشكل أكثر وضوحا إلى دور إيران في دعم تلك المجموعات واستخدامها في النزاع مع الولايات المتحدة.
الوزير قال أيضا في اللقاء إن "الهجمات يجب أن تتوقف بدون ثمن"، مشددا على أنه "لا يوجد حوار مباشر بين الحكومة والفصائل المسلحة"، لكنه أشار إلى إن "الأمم المتحدة تجري لقاءات مع جميع الأطراف" في تنويه كما يبدو بلقاء ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت الأخير مع عبد العزيز المحمداوي، مسؤول كتائب حزب الله التي يتهمها الأميركيون بالوقوف – إلى جانب فصائل أخرى – وراء الهجمات على السفارة.
الحلول العسكرية
وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال ترؤسه الاجتماع الأول للجنة التحقيق في الخروقات الأمنية "التي تستهدف أمن العراق وهيبته" بحسب بيان للحكومة.
وقال الكاظمي إن الجهات التي قتلت وجرحت عراقيين أبرياء، بخلاف ما يروّج المبررون لهذه الاعتداءات، إنما تسيء الى مستقبل العراق وعلاقاته، مضيفا أن "الأمر تجاوز حدوده".
وشكل الكاظمي اللجنة التي يسيطر عليها العسكريون، برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي وعضوية فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، وعبد الغني الأسدي رئيس جهاز الأمن الوطني، ورئيس أركان الجيش الفريق عبد الأمير يار الله، وسكرتير القائد العام للقوات المسلحة الفريق محمد حميد، ونائب قائد العمليات المشتركة ووكيل الاستخبارات والتحقيقات الإدارية في وزارة الداخلية.
كما انضم نواب في اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي إلى اللجنة الحكومية.
ومنح الكاظمي اللجنة شهرا واحدا لإنجاز أعمالها المتمثلة بـ"التحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته الدولية وتحديد المقصر".
وبحسب محللين، فإن هذه الخطوة تعتبر تصعيدا عسكريا من قبل الحكومة ضد الجماعات المسلحة بالتوازي مع التصعيد الدبلوماسي ضد "داعميها"، بحسب المحلل سلام نوري.
ولهذا، بحسب الخبير الأمني صفاء الأعسم فإن "الموضوع لا يمكن حله بمجرد التفتيش عن السلاح، وإنما يحتاج الموضوع إلى حوارات وتوافق سياسي بالتزامن مع التدخل العسكري".
ويعتقد الأعسم إن الجيش العراقي "قادر" على حسم الموضوع عسكريا، لكن التصعيد العسكري قد يهدد بحرب عراقية – عراقية، يقول إن من الممكن تجنبها بالحوار.
ويعتقد محللون آخرون أن التدهور الاقتصادي الذي يمر به العراق قد يكون سببا آخر لاستمرار المشكلة الأمنية، مشيرين إلى حلول اقتصادية يمكن أن تساهم بفرض الأمن والاستقرار.
وبحسب الخبير الاقتصادي حسن الأسدي فإن "الحكومة يمكنها أن تستثمر في مشاريع بناء لن تكلفها أي أموال من الخزينة، لكنها توفر الكثير من فرص العمل".
ويقول الأسدي إن "الشباب قد يقبلون على الانخراط في الميليشيات بدافع من الحاجة المادية والحاجة لإيجاد فرص عمل".
لكن الأسدي، وهو خبير وصاحب مشروع لحل أزمة السكن في العراق، يقول إن الحلول الاقتصادية أو الدبلوماسية "تمثل ضعفا إذا لم ترافقها قوة عسكرية"، مضيفا إن "إنفاذ القانون من خلال القانون والقوة العسكرية مهم لفرض هيبة الدولة".
ويقول الأسدي إنه لا يمكن حل الأزمة في العراق من خلال حل أحد جوانبها فقط لأن العراق يعاني من "مشكلة مركبة" تحتاج إلى "إيجاد خطة علاج متكاملة للجوانب الاقتصادية والأمنية وحتى الصحية".
المصدر: الحرة