خرج زعيم "حـزب الله" حسن نـصرالله، مساء أمس الثلاثاء برسائل داخلية حادة، خصوصا تجاه "نادي رؤساء الحكومة السابقين الأربعة"، وشملت أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تترك الكثير من علامات الاستفهام حول مصير المبادرة الفرنسية رغم مشهدية التمسك بها علنيا، وإمكان حل الخلافات السياسية قبل المهلة الزمنية الثانية بحدها الأقصى 6 أسابيع، بانتظار ما سيترتب على نتائج الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وردّ رؤساء الحكومة السّابقون في لبنان، نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، وسعد الحريري، في بيان، اليوم الأربعاء، على الوقائع التي سردها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء أمس، بالشكل والمضمون للملف الحكومي، والتي طاولتهم من حيث الاتهامات بإفشال المبادرة الفرنسية، عبر محاولتهم تشكيل حكومة أمر واقع نيابة عن رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، والتواصل باسمه، وفرض تشكيلة وزارية بالأعداد والأسماء والمواصفات والشروط، بمعزل عن آراء باقي الكتل السياسية، التي تمثل الأكثرية النيابية في البرلمان اللبناني، والدور الدستوري التشاوري لرئيس الجمهورية.
وأكد رؤساء الحكومة السابقون، أن "ناديهم" لم يشكل الحكومة نيابة عن الرئيس أديب، ولم يفرض اسما فيها، أو حقيبة، بل اقتصر دوره على توفير الغطاء بشكل شفاف وواضح لتنفيذ ما وافقت عليه الكتل النيابية في قصر الصنوبر (مقر السفارة الفرنسية في بيروت)، بعد أن اجتمعوا على كلمة سواء في ما يتعلق بتسمية الرئيس المكلف. وهذا الدور لم ينطلق للحظة واحدة من فرض الوصاية على رئاسة الحكومة، بل من الدعوات التي أطلقتها أكثرية اللبنانيين، والتي أجمعت على وجوب عدم تكرار الآليات التي اعتمدت في تشكيل الحكومة المستقيلة، والتي كانت محل معارضة شعبية واسعة، تقاطعت مع المبادرة الفرنسية، ووجوب قيام حكومة مستقلين بعيدا عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي.
وأضاف البيان أن "الرئيس المكلف لم يكن في مقدوره التشاور مع فخامة رئيس الجمهورية، أو مع أي من الكتل السياسية في الأسماء والحقائب في ظلّ العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي حركة أمل (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) وحزب الله، فور وصول جهوده إلى مراحلها الأخيرة عشية العقوبات الأمريكية التي أعلنت بحق الوزيرين السابقين علي حسن خليل (ينتمي إلى حركة أمل) ويوسف فنيانوس (ينتمي إلى تيار المردة بزعامة سليمان فرنجية أبرز حلفاء حزب الله)، والتي نشأت عنها تعقيدات واستعصاءات. فما كان من الرئيس الحريري في أعقاب ذلك، وحيال الخطر الذي يتهدد فرصة وقف الانهيار المتاحة؛ إلا أن لجأ إلى اتخاذ مبادرة منفردة تتيح في حال اعتمادها الإبقاء على التمثيل الشيعي في وزارة المالية لمرة واحدة، مع التأكيد على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية. ومن المؤسف أنه بدل تلقّف مبادرة الرئيس الحريري التي أشادت بها فرنسا، جرى الالتفاف عليها ووضع المزيد من الشروط على الرئيس المكلف، والتمسك بتسمية الوزراء في الحقائب الباقية، في ضرب مكشوف للقواعد التي انطلقت منها المبادرة الفرنسية، وللدستور الذي يؤكد عدم حصرية أي حقيبة وزارية بممثلين لأي طائفة بعينها". علما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورغم الإشادة الفرنسية بمبادرة الحريري؛ فإنه أشار في مؤتمره الصحافي يوم الأحد، إلى أن الحريري أخطأ بإدخال المعيار الطائفي على المفاوضات الحكومية.
ورأى الرؤساء الأربعة، أنّ الملفت في رواية زعيم حزب الله أنها تعمّدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل، وهو الأمر الذي لا أساس له من الصحة. علما أنّ ما طالب به الرئيس المكلف هو ذاته ما طالبت به رئاسة الجمهورية، ومعظم الكتل والشخصيات السياسية والنيابية، التي شاركت في استشارات القصر الجمهوري، من اعتماد للمداورة في الحقائب، باستثناء ممثلي الثنائي حركة أمل وحزب الله.
وفي سياق آخر، أشار الرؤساء إلى أنّ مطالعة زعيم حزب الله تنسف المبادرة الفرنسية أيضاً بمحتواها الاقتصادي والمالي، من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية والمالية. وأضافوا، "لم يكن السيد نصر الله موفقاً في العودة إلى أحداث مايو/ أيار 2008 للتذكير بالاعتداء الذي تعرضت له بيروت، وهو ما قرأه اللبنانيون تهديدا غير مقبول وتلويحا باستخدام الفوضى والعنف والفلتان الأمني، والتي لا تستثني أحدا من مخاطرها".
وزعم نصر الله أمس على أنّ "حزب الله يجب أن يكون موجودا في الحكومة، لسببين؛ الأول حماية ظهر المقاومة، حتى لا تتكرر حكومة الخامس من مايو/ أيار 2008، التي كانت تضم من يشكلون الحكومة الآن، وكانت ستتخذ قرارا خطيرا يؤدي إلى صدام بين الجيش والمقاومة، وهذا مشروع سعودي أميركي إسرائيلي، والسبب الثاني، الجديد، هو خوفنا على مستقبل لبنان وما تبقى منه اقتصاديا وماليا".
إيران إنسايدر