يخشى عراقيون من أن يكونوا ضحية تصعيد الميليشيات الموالية لإيران، وأن يدفعوا ثمن تلك التصرفات المنفلته، بعد الأنباء عن احتمال إغلاق الولايات المتحدة سفارتها في بغداد، وسحب دبلوماسييها.
ويأتي هذا التخوف بعد الحديث عما سماه الكاتب الأميركي، ديفيد إغناطيوس، بـ"مفاجأة أكتوبر" في العراق، حيث "تغلق الولايات المتحدة سفارتها وتشن ضربات جوية ضد الميليشيات الموالية لإيران".
وقبل أسبوع، أفادت تقارير بأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حذر في اتصال مع الرئيس العراقي، برهم صالح، من إغلاق السفارة، إذا لم تتحرك الحكومة لوقف هجمات الميليشيات على المصالح الأميركية.
وقال الكاتب ديفيد اغناطيوس، إن العراق هو الساحة الذي يمكن أن تنفجر فيه مواجهة أميركية إيرانية خلال الأسابيع المقبلة، مما يخلق "مفاجأة أكتوبر" قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية مطلع نوفمبر المقبل.
وشدد متحدث باسم الخارجية الأميركية، الاثنين، على أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع التهديدات "الموجهة لرجالنا ونسائنا الذين يخدمون في الخارج ولن نتردد في اتخاذ أي إجراء نراه ضروريا للحفاظ على سلامة أفرادنا".
ورفض المتحدث، مجددا، التعليق على التقارير، التي تحدثت عن عزم الولايات المتحدة إغلاق سفارتها في بغداد إذا لم تقدم الحكومة العسكرية على ضبط الميليشيات الموالية لإيران، التي تقوم بقصف السفارة الأميركية واستهداف القوات الدولية في العراق.
وقال المتحدث للحرة "لا نعلق أبدا على المحادثات الدبلوماسية الخاصة لوزير الخارجية مع القادة الأجانب".
وأضاف المتحدث "لقد أوضحنا من قبل أن تصرفات الميليشيات الخارجة عن القانون والمدعومة من إيران تظل أكبر رادع للاستقرار في العراق. ومن غير المقبول أن تطلق هذه الجماعات صواريخ على سفارتنا وتهاجم الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم، وتهدد القانون والنظام في العراق".
قلق "جدي ومشروع"
ويصف رئيس المجموعة المستقلة للبحوث والدراسات في العراق، منقذ داغر، قلق النخب العراقية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الجدي والمشروع"، قائلا: "هم يتخوفون من غلق السفارة، وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة والعواقب الاقتصادية لذلك. شبح التسعينيات بدأ يلوح بالأفق مرة ثانية".
وعانى العراقيون من عواقب الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة عقب غزو نظام صدام حسين الكويت عام 1990، مما أنهك البلاد وأفقر الشعب.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حذرت العراق، في وقت سابق من العام الجاري، من أن واشنطن ستفرض "عقوبات غير مسبوقة عليه"، بعد قرار البرلمان بطرد القوات الأميركية من أرض العراق.
واتخذ البرلمان العراقي القرار، بعد أن قتلت غارة أميركية قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وقائد كتائب حزب الله العراقية، أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد في يناير الماضي.
وجاءت الضربة الأميركية في إطار رد على استهداف قاعدة عسكرية للجيش الأميركي بقصف أدى إلى مقتل متعاقد أميركي.
ومؤخرا تزايدت الهجمات الصاروخية لتعبر نهر دجلة، وتتجه صوب المجمع الدبلوماسي الأميركي شديد التحصين الذي بُني لكي يكون أكبر سفارة أميركية في العالم، في وسط المنطقة الخضراء ببغداد.
وتقوم "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" وميليشيات أخرى موالية لإيران بتصعيد حملة المضايقة ضد وجود التحالف، بقيادة الولايات المتحدة.
ويقول معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن هذه الميليشيات تستخدم مجموعة من التكتيكات، وهي (هجمات على مواكب لوجستية، هجمات بالصواريخ، تهديدات بالطائرات بدون طيار، التهديدات للأسلحة الجوية، أخذ الرهائن، تحدي سلطة الحكومة).
وفي هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة، محمد رحيم، لموقع "الحرة" إن الضجة الكبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إغلاق السفارة يقابلها صمت يخيم على الميليشيات التي تتخوف من الاستهداف الأميركي.
والأسبوع الماضي، أصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بيانا دعا فيه إلى تحاشي التصعيد الذي قد يحول العراق إلى ساحة معركة.
"خارجة عن السيطرة"
ورغم ذلك، أطلقت فصائل عراقية، الاثنين، صاروخين كاتيوشا على منزل في بغداد، مما أدى إلى مقتل امرأتين وثلاثة أطفال وجرح طفلين آخرين.
وقالت مصادر بالشرطة إن مطار بغداد كان الهدف من الهجوم. وعلى تويتر، استهجن مغردون عراقيون حادثة الإطلاق الأخيرة، وتداول مستخدمون صورا وفيديوهات للضحايا وذويهم.
والثلاثاء، أعلن وزير الداخلية العراقي، عثمان الغانمي، الوصول إلى الجناة الذين أطلقوا صاروخا استهدف مطار بغداد، الاثنين، وسقط على منزل سكني.
ويعتقد داغر أن حكومة العراق غير قادرة في وضعها الراهن على التخلص من الميليشيات، قائلا: "أعتقد أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يشعر أنه لا يمتلك الأدوات الكافية للسيطرة على هذه الميليشيات".
وأضاف في حديثه لموقع "الحرة" أن "هذه الميليشيات انتشرت بشكل كبير وواضح، وخرجت عن السيطرة، ولا أعتقد أن الحكومة العراقية قادرة على أن تفعل شيئا".
والأحد الماضي، أعلنت السفارة الأميركية ببغداد أنها ستُجري، خلال اليومين المقبلين، سلسلة من الاختبارات التي تشمل معدات وإجراءات الطوارئ.
وأضافت في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: "سيصل صوت الإنذارات بالخطر وصفارات الإنذار وغيرها من أنواع الضوضاء إلى السكان المقيمين في المناطق المُحيطة بالسفارة عند إجراء هذه التدريبات. تتقدم السفارة باعتذارها عن أي إزعاج قد ينجم عن ذلك".
المصدر: الحرة