قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن "الزلزال الذي هز لبنان باستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه لا تزال تداعياته وارتداداته حاضرة بقوة حتى اليوم".
وجاء في بيان صدر عن مكتبه "لم يكن الرابع عشر من مارس عام 2005 تاريخا عابرا في سجل الأيام بل محطة مفصلية في تاريخ وطن، فالزلزال الذي هز لبنان باستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه لا تزال تداعياته وارتداداته حاضرة بقوة حتى اليوم، لأن الرئيس الحريري، وكما كان استثنائيا في حياته، فإن غيابه جعل حضوره المعنوي أكثر توهجا وتوقدا".
وأضاف "مع صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتياله، يدخل لبنان زمن العدالة عن كل جرائم الاغتيال والعنف السياسي التي دفع اللبنانيون أثمانا باهظة بسببها على مدى سنوات طويلة، وقوضت الاستقرار وكل أسباب الحياة الكريمة والآمنة وعبثت بمستقبل الأجيال".
وتابع "العدالة حق وواجب في أبسط القضايا، فكيف بجريمة شنيعة على مستوى وطن، هدفها اغتيال نموذج رفيق الحريري في النضال والمقاومة والنجاح، وتجربته في نبذ العنف، ومحبة لبنان والحفاظ على وحدته وعيشه الواحد، وتحقيق نموه وازدهاره وكرامة شعبه".
وأشار ميقاتي، إلى أن "الصدف تشاء أن يتزامن حدث صدور الحكم في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مع ارتدادات وتداعيات الزلزال الأمني الجديد الذي ضرب لبنان قبل حوالي أسبوعين انطلاقا من مرفأ بيروت.. إنها جريمة أخرى بكل معنى الكلمة اصابت كل لبناني في الصميم".
وشدد على أنه "من هذا المنطلق فإن الاسراع في التحقيقات الجارية لكشف الأسباب الحقيقية لهذا التفجير وظروفه ومسبباته أكثر من ضروري للاقتصاص من المسؤولين المباشرين عن هذه الجريمة النكراء والمقصرين أيا كانوا".
وختم البيان: "اليوم صفحة جديدة في تاريخ لبنان عنوانها العدالة وإحقاق الحق".
صدمة في لبنان
وصدم اللبنانيون بحكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وعبروا عن صدمتهم باختزال جريمة التفجير التي قتلت العشرات بإدانة القيادي في حـزب الله سليم عياش فقط، وتبرئة ثلاثة متهمين.
في الوقت الذي اعتبر فيه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كشفت "الحقيقة"، معلنا باسم عائلته وعائلات الضحايا "قبول" الحكم، ومطالبا بـ"تنفيذ العدالة".
وقال رئيس المحكمة القاضي، ديفيد راي، في ختام حكم استغرقت تلاوته ساعات "تعلن غرفة الدرجة الأولى سليم عياش مذنبا بما لا يرقى إليه الشك بصفته شريكا في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة، وقتل رفيق الحريري عمدا، وقتل 21 شخصا غيره، ومحاولة قتل 226 شخصا"، هم الجرحى الذين أصيبوا في الانفجار المروع الذي وقع في 14 فبراير/شباط 2005.
وأضاف القاضي، أن المتهمين الآخرين حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد صبرا "غير مذنبين فيما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم".
وذكرت المحكمة أنها تشتبه بأن لسوريا وحزب الله "دوافع لاغتيال" الحريري، "لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في الاغتيال"، و"ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر".
وتعقيبا على قرار المحكمة، قال سعد الحريري رئيس الوزراء السابق وابن القتيل "نقبل بحكم المحكمة وبما استنتجته وهناك معطيات أخرى سيتم الكشف عنها لاحقا دون شك"، مضيفا أن "زمن ارتكاب جريمة إرهابية دون عقاب انتهى"، وأن "هدف الجريمة الإرهابية كان تغيير وجه لبنان ونظامه وهويته وهذا ما لا مساومة فيه"، ودعا سعد الحريري حزب الله إلى إظهار التعاون بعد قرار المحكمة الذي "أثبت أن شبكة منفذي جريمة الاغتيال من صفوفه".
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى تقبل أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الحريري، وصرح عقب صدور الحكم إن "تحقيق العدالة في اغتيال الحريري يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة".
وكان من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها يوم 7 من الشهر الجاري، لكنها أجّلته بسبب انفجار مرفأ بيروت الذي وقع يوم 4 أغسطس/آب الجاري.
وبعد نحو 13 عاما على تأسيسها بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة، تنطق المحكمة بحكمها غيابيا بحق المتهمين الأربعة، وهم أعضاء في حزب الله، في قضية غيّرت وجه لبنان ودفعت لخروج القوات السورية منه بعد 30 عاما من الوصاية الأمنية والسياسية التي فرضتها دمشق.
وحضر سعد الحريري نجل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق جلسة النطق بالحكم التي عقدت في الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش بلايدشندام قرب لاهاي. وأعرب الحريري في بيان أصدره أواخر يوليو/تموز الماضي عن أمله في أن يكون صدور الحكم "يوما للحقيقة والعدالة من أجل لبنان".
وقال "لم نقطع الأمل يوما بالعدالة الدولية وكشف الحقيقة"، داعيا أنصاره إلى التحلي بالصبر و"تجنب الخوض في الأحكام والمبارزات الكلامية على وسائل التواصل الاجتماعي".
خلفيات الملف
وأُنشئت المحكمة يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2005 بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة. وتوصل لبنان والأمم المتحدة إلى اتفاق بشأن المحكمة جعلته المنظمة الدولية نافذا من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا برقم 1757.
ودخل قانون إنشاء المحكمة حيز التنفيذ يوم 10 يونيو/حزيران 2007، وعقدت أولى جلساتها العلنية بلاهاي في مارس/آذار 2009. وتضم المحكمة قضاة لبنانيين ودوليين، وليست تابعة للأمم المتحدة ولا جزءا من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تقضي بموجب قانون العقوبات اللبناني.
إيران إنسايدر