تواصل إيران تعزيز انتشارها العسكري والثقافي والاجتماعي في محافظة ديرالزور (مدينة ديرالزور، والميادين، والبوكمال) شرق سوريا، في ظل غياب تام للنظام السوري وقواته، وتعتمد طهران على ست ميليشيات أجنبية لبسط سيطرتها الكاملة على العقدة الأهم في طريقها البري من العراق تجاه سواحل المتوسط في سوريا ولبنان.
عسكريا
كشفت مصادر إعلامية محلية، يوم الجمعة، اللثام عن موقع القاعدة العسكرية المركزية لإيران في شرق سوريا، والتي سبق أن كشفت عنها إسرائيل.
وقالت إن إيران تتخذ من "قاعدة الكم النفطية" مركزا لإدارة عملياتها العسكرية في شرق سوريا، وتقع جنوب مدينة البوكمال على الحدود مع العراق.
وأضافت أن القاعدة تضم جل القادة الإيرانيين في سوريا، وفيها تقام معسكرات تدريب للعناصر الجدد، ومنها تدير قواتها في محافظة ديرالزور.
وتقع المحطة على مقربة من الحدود السورية-العراقية، ويمر عبرها الطريق البري العسكري للميليشيات الإيرانية، وزارها قائد فيلق القدس قاسم سليماني مؤخرا وتفقد قواته من الحرس الثوري الإيراني فيها.
وزار سليماني، مدينة البوكمال و"قاعدة الكم النفطية"، الأسبوع الماضي، وطلب من الميليشيات التابعة لإيران التجهيز لحرب محتملة مع أمريكا.
وأفادت مصادر أن سليماني زار عددا من المعسكرات التابعة لإيران، وسط إجراءات أمنية مشددة، والتقى المستشارين العسكريين للحرس الثوري، وقيادات مختلف تلك المجموعات في المنطقة.
وأضافت أن قائد فيلق القدس زار كذلك محطة "T2" النفطية في بادية دير الزور الشرقية، الواقعة على خط النفط الواصل بين العراق وسوريا.
وفي سياق زج إيران لقوات عسكرية في ديرالزور، وصلت ميليشيا جديدة مدعومة من طهران إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، والتي تتمركز فيها ميليشيات مدعومة من إيران.
وقالت مصادر إنّ قرابة 150 عنصرا من ميليشيا تطلق على نفسها "لواء الإمام الحُجّة" وصلوا إلى مدينة البوكمال بعتادهم العسكري الكامل، إضافة إلى سيارات دفع رباعي وشاحنات عسكرية، بغية إقامة مقرات لهم في المدينة والنشاط فيها.
وتتبع ميليشيا "لواء الإمام الحُجّة" بشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني، الذي يفرض سيطرته على مدينة البوكمال ومحيطها.
ويقود "سلمان الإيراني" الميليشيات التابعة لإيران في مناطق شرق سوريا، ويتخذ من قرية تقع قبالة قرية الباغوز بريف ديرالزور كمقر رئيسي له، وينتشر أكثر من 150 مسلحا من ميليشيا "فاطميون" الأفغانية لحماية المقر.
وتتمركز الميليشيات التابعة لإيران داخل حي الجمعيات مدينة البوكمال، وينتشر في الحي ميليشيا "حزب الله" اللبنانية إضافة لـ"كتائب حركة النجباء" العراقية.
وتنتشر ميليشيات "زينبيون" الباكستانية و"فاطميون" الأفغانية، في مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية.
وترسل إيران السلاح لميليشياتها شرق سوريا، من مدينة القائم العراقية، وتسلمها للقيادي "سلمان الفارسي".
ثقافيا
وافتتح مسؤولون إيرانيون برفقة قادة ميليشيات تابعة للحرس الثوري، حسينية، في مدينة ديرالزور.
وأضافت المصادر أن الحسينية افتتحت في حي هرابش الواقع في الجهة الشرقية من المدينة، والقريب من مطار ديرالزور العسكري.
والبناء الذي اتخذته إيران كحسينية، هو عبارة عن منزل كبير في الحي، صادرته قبل فترة، كون أن صاحبه مطلوب لقوات النظام السوري، ورفعت الرايات التي تمثل الميليشيات التابعة لإيران على سطح المنزل.
ونشرت الميليشيات بشكل فوري نقاط حراسة، ودشما، في محيط الحسينية، في الوقت الذي أوكلت فيه إدارة الحسينية إلى أحد الأشخاص التابعين لإيران من قرية الجفرة يدعى "أبو فاطمة"، وكان يشغل منصب قائد عسكري في "حزب الله" السوري.
بدورها، بنت "حركة النجباء" العراقية، "مزارا" على نبع ماء عين علي في البادية قرب مدينة القورية بريف دير الزور الشرقي، ضمن حملة بناء المزارات التي تنفذها هيئات شيعية عراقية بذريعة إعادة بناء ما دمره تنظيم الدولة.
ويقول محللون إن الهدف الرئيسي لإيران من نشر التشيع بدير الزور هو تأسيس قاعدة شعبية فيها، ولضمان وجودها طويلا في منطقة غنية بثرواتها الباطنية والزراعية.
وتنشر إيران التشيع في دير الزور وخاصة في مناطق الريف (الغربي والشرقي) مستغلة الفقر المنتشر فيها، والتهميش الكبير الذي تعانيه، خاصة المناطق التي سيطر عليها النظام السوري مؤخرا.
اجتماعيا
وبعد أن تمكنت قوات النظام السوري والقوات الأجنبية المساندة لها من فك الحصار عن أحياء مدينة دير الزور في شهر أيلول من العام الفائت، وصلت إلى المدينة قافلة من 16 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية قدمتها مؤسسة "جهاد البناء" التابعة للحرس الثوري الإيراني، وبعد أيام قليلة من توزيع الأغذية والأغطية والملابس، التي حملتها القافلة، افتتحت "جهاد البناء" مشفى ميدانيا خيريا في حي القصور في مدينة دير الزور، يصف السكان خدمات هذه المشفى بـ"الممتازة" مقارنة بما تقدمه المؤسسات الصحية المتهالكة التابعة للنظام السوري بداخل الأحياء نفسها.
ولم تتوقف قوافل المساعدات الإيرانية عند أحياء مدينة دير الزور فحسب، بل وصلت إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، والتي أصبحت قوات الحشد الشعبي العراقي هي القوى الكبرى المسيطرة عليها، والتي عملت على كسب تأييد وولاء الأهالي له، بإيواء من نزح من المدينة أو ريفها أثناء المعارك مع تنظيم الدولة قبيل خروجه من المدينة، بمخيمات خاصة.
ويسيطر "لواء الباقر" بقيادة أسعد نواف البشير -الذي قتل منتصف الشهر الجاري بغارات التحالف على رتل لقواته في بلدة الصالحية أثناء محاولتها الوصول لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن في الطرف المقابل من النهر(جزيرة)- يسيطر على قريتي مراط ومظلوم، فيما تخضع قريتا حطلة والصالحية لسيطرة "حزب الله" اللبناني ويقودها هناك المدعو طارق الياسين المعيوف، والذي يعتبر والده من ناشري المذهب الشيعي في حطلة منذ عام 2000 وكانت تدعمه طهران في بناء الحوزات ونشر التشيع في هذه المناطق.
المصدر: إيران إنسايدر