أعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية، اليوم الاثنين، أن رئيس مجلس الوزراء حسان دياب، قبل استقالة وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي، في الوقت الذي قالت فيه رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة اتفقا على تعيين السفير شربل وهبة وزيرا للخارجية والمغتربين خلفا لـ"حتّي".
وذكرت رئاسة الحكومة في تغريدة على حسابها على "تويتر"، أن "دياب قبل استقالة حتّي خلال لقائهما اليوم، وقبل استقالته فورا".
وفي السياق، أشارت رئاسة الحكومة في تغريدة أخرى عبر "تويتر"، أن رئيس الجمهوريّة ميشال عون، التقى دياب الإثنين، وتشاورا بخصوص استقالة حتّي، والخطوات التالية لذلك.
وقالت مصادر أن عون ودياب، وقعا مرسوم قبول استقالة حتي ومرسوم تعيين السفير شربل وهبة وزيرا للخارجية والمغتربين.
تولى وهبة مهام الأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة حينما كان جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر وصهر رئيس الجمهورية، وزيرا للخارجية، وعندما انتهت خدمته في السلك الدبلوماسي بسبب بلوغه السن القانونية، انتقل للعمل في القصر الجمهوري كمستشار للرئيس عون للشؤون الدبلوماسية.
وكان حتّي قدم اليوم استقالته من حكومة دياب، معللا خطوته بما وجده من "غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل".
وقال حتّي، في بيان الاستقالة، إن "لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجا، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة".
وأوضح أنه قرر الاستقالة "لتعذر أداء مهامه في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي يؤمن به، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به".
ضربة موجعة
وعلقت صحيفة الأخبار، المقربة من "حـزب الله"، على الاستقالة، بالقول "تتجدد محاولة إسقاط الحكومة، لكن هذه المرة قد تكون الضربة أقوى. وزير الخارجية ناصيف حتّي يستقيل من منصبه، بعد أن نضجت محاولات إقناعه بذلك. محاولات تولاها بشكل خاص سفير لبناني سابق، بالنيابة عن الأمريكيين. لكن الضغوط الرئيسية أتت من جانب فرنسا، الدولة الغاضبة على دياب، الذي خاطبها بلغة لم تعهدها من رئيس حكومة لبناني سابقا. كانت النصيحة بضرورة الخروج من المركب، طالما أن الحكومة عمرها قصير ولا أفق لها".
وأضافت "عليه، عمد حتّي طيلة الأسبوع إلى إبداء رغبته في التخلي عن منصبه، احتجاجا على أداء الحكومة في الملفات التي تتعلق بعلاقات لبنان الخارجية. وقد أبلغ قراره أمس إلى جبران باسيل، عبر اتصال هاتفي. كذلك أبلغ حتي إدارة الوزارة بقراره، مشيرا إلى أن اعتراضه الأساسي هو على سلوك حسان دياب تجاه المجتمع الدولي. وأشار إلى أن بيان الاستقالة لن يوجّه ضد جبران باسيل بل ضد السياسة المتّبعة من دياب. واعتبر أن استمراره في منصبه ينسف "البورتفوليو" الذي راكمه على مدى عشرين سنة".
انهيار اقتصادي
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يوميا مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
وتعثرت محادثات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، التي بدأت في أيار/مايو الماضي، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
واستشعر اللبنانيون هاجس الانهيار منذ شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.
وبدأت الأزمات المتلاحقة من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.
إيران إنسايدر