تصدر هاشتاغ "لبنان يحتضر"، يوم الخميس، الهاشتاغات الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظي بتعليقات كثيرة من لبنانيين منتقدين الحالة التي آل إليها الوضع في بلدهم، في ظل أزمة سياسية واقتصادية حادة.
وتمنى معلقون أن تجلب السنة الهجرية الجديدة وجوها سياسية غير التي هيمنت على صناعة القرار في لبنان خلال المرحلة الماضية.
ونشر أحدهم صورة ضمت معممين إيرانيين يتقدمهم الخميني، وعلي خامنئي وأبو مهدي المهندس وقاسم سليماني، متمنيا أن يحل العيد القادم من دون "هؤلاء الشياطين"، على حد تعبيره.
ونشر المغرد "أبو جمال" صورة لأطفال يسيلون عرقا، مع تعليق موجه إلى الزعماء في بلده: "هل أولادكم ينامون هكذا؟".
ويعاني لبنان من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي منذ أكثر من شهرين، وهو السبب وراء عدم تمكن المواطنين من تشغيل مكيفات الهواء ومختلف الأجهزة الكهربائية.
والأربعاء قطع عشرات المحتجين اللبنانيين، عددا من الطرق في مناطق مختلفة في البلاد، احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي.
كشفت مغردة أن صديقتها الحامل بثلاثة توائم توفيت من شدة الحر.
أزمات متتالية
وبعد أشهر من ثورة اللبنانيين على طبقتهم السياسية الحاكمة، انهارت قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي، وانهارت معها قدرتهم الشرائية. وأبلغ رئيس الحكومة حسان دياب صحيفة واشنطن بوست في مايو/أيار الماضي أن كثيرا من مواطنيه توقفوا عن شراء اللحم والفاكهة والخضار، وأنهم قد يجدون صعوبة في تأمين الخبز.
وترافق ارتفاع أسعار الأغذية إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف خلال شهور قليلة مع انقطاعات للتيار الكهربائي، بسبب عجز الدولة عن تمويل استيراد الوقود المستخدم في توليد الطاقة، وتزامنت هذه الأحداث مع جائحة كورونا التي دفعت عشرات الشركات إلى إغلاق أبوابها وتسريح موظفيها.
وانعكس هذا الوضع الاقتصادي المتدهور على الواقع الاجتماعي، ليفرز أزمة غير مسبوقة.
ولعبت الأزمات السياسية المتتالية والحروب والانقسامات الداخلية والإقليمية، وحالة الشلل السياسي أحيانا دورا في انهيار الاقتصاد، وكذلك غياب آليات وسياسات اقتصادية ومالية مناسبة وخطط تنموية فعالة. ومن أهم عوامل القصور في الاقتصاد اللبناني والتي كانت سببا في الأزمة:
– اعتماد لبنان على الاقتراض الخارجي لتمويل إعادة الإعمار.
– بناء الاقتصاد بالدرجة الأولى على قطاع الخدمات (83% من الناتج الإجمالي) والسياحة وتدفق الرساميل الخارجية.
– تراجع في القطاعات المنتجة كالزراعة والصناعة.
– فوارق كبيرة في توزيع الثروة مناطقيا واجتماعيا.
– تحول لبنان إلى دولة استهلاكية نموذجية تمولها البنوك.
– عدم إصلاح الإدارة بشكل بنيوي، إذ بقيت خاضعة للمحاصصة والمحسوبية، مما كرس الفساد.
– تراكم الدَّين الداخلي والخارجي تدريجيا مع خدمة دين بفوائد مرتفعة.
– استهلاك قطاع الكهرباء -مثلا- نحو نصف الدَّين الخارجي، وفق تقديرات البنك الدولي.
– زيادة العجز في المدفوعات بشكل سنوي.
– قطاع بنكي متضخم يدفع فوائد خيالية على الودائع.
أما الأسباب المباشرة التي عجّلت بتفاقم الأزمة الراهنة، فيمكن حصرها في النقاط التالية:
– تراجع احتياطات البنك المركزي.
– انخفاض الودائع العربية والأجنبية.
– تقلص تحويلات المغتربين.
– عدم إيفاء المانحين الدوليين بالتزاماتهم وربطها بالإصلاحات.
– تأثيرات قانون قيصر المفروض على سوريا.
– تأثيرات أزمة كورونا منذ بداية عام 2020.
تحذير من مجاعة
وقالت منظمة "أنقذوا الأطفال"، إن نحو مليون نسمة في العاصمة اللبنانية بيروت لا يملكون المال الكافي لتأمين الطعام، أكثر من نصفهم من الأطفال المهددين بالجوع جراء الأزمة الاقتصادية.
وأوردت المنظمة، في تقرير لها، أنه يوجد في بيروت الكبرى "910 آلاف شخص، بينهم 564 ألف طفل، لا يملكون المال الكافي لشراء احتياجاتهم الرئيسية".
وقال مدير المنظمة بالوكالة في بيروت، جاد صقر "سنبدأ بمشاهدة أطفال يموتون جوعا قبل حلول نهاية العام الحالي"
وأضاف "تضرب الأزمة الجميع، العائلات اللبنانية كما اللاجئين الفلسطينيين والسوريين على حد سواء".
ودفع الاقتصاد اللبناني "المنهار"، وفق التقرير، "أكثر من نصف مليون طفل في بيروت إلى الكفاح من أجل الحياة أو إلى الجوع".
وقال التقرير إن عائلاتهم غير قادرة على تأمين حاجاتهم الأساسية من طعام وكهرباء ووقود ومستلزمات صحية ومياه.
انهيار اقتصادي
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يوميا مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
وتعثرت محادثات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، التي بدأت في أيار/مايو الماضي، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
واستشعر اللبنانيون هاجس الانهيار منذ شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.
وبدأت الأزمات المتلاحقة من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.
إيران إنسايدر