قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الرسالة التي كتبها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان "ودودة"، مضيفة أنها تشكل تحديا قويا للنظام الإيراني.
واعتبرت الصحيفة، أن هذه الرسالة تشكل حدثا بمجرد أنها كتبت من الأساس، بحكم العداوة بين إيران والسعودية، وبحكم توصيف القيادات الأخرى بإيران، لولي العهد بأنه مغامر، وغير ناضج.
وأعادت الصحيفة التذكير بأن محمد بن سلمان كان قد شبه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بهتلر، معتبرا أن أي محاولة لإصلاح العلاقات مع إيران ستكون غير مجدية.
وذكرت الصحيفة، أنه في خرق لسياسة إيران المعلنة تجاه السعودية، بعث أحمدي نجاد برسالة، مليئة بما وصفته بـ "التملق والثناء"، إلى ولي العهد هذا الشهر، داعيا إياه إلى التعاون لإنهاء حرب اليمن، وذلك بحسب النسخة التي قدمها مكتب أحمدي نجاد إلى صحيفة "نيويورك تايمز".
وأكدت الرسالة، التي صورت ولي العهد السعودي على أنه رجل سلام، أنه سيتخذ خطوات لإحلال السلام في المنطقة، وبالتالي تأمين إرثه، إلى جانب إرضاء نبي الإسلام محمد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرسالة لم تتطرق لدور بن سلمان في حرب اليمن على مر السنوات الخمس الماضية، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم. بل قالت الرسالة "أعلم أن سعادتكم لستم سعيدين بمعاناة الأبرياء الذين يموتون ويصابون في كل يوم، وبتضرر البنية التحتية".
وتابعت "أنت مستاء من كون الموارد الإقليمية التي يمتلكها الناس تُستخدم للدمار بدلاً من إحداث السلام والازدهار. لهذه الأسباب سوف ترحب بسلام عادل". ووقع الرئيس الإيراني السابق الرسالة بـ"أخوكم محمود أحمدي نجاد".
وأشارت الصحيفة إلى التشخيص السعودي للصراع في اليمن على أنه معركة مع إيران، التي تدعم الحوثيين الذين طردوا الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية من مساحات شاسعة من البلاد منذ عام 2015.
وبحسب مكتب أحمدي نجاد، فإن السعودية لم ترد على الرسالة حتى الآن، وقد تم تسليمها إلى مكتب رعاية المصالح السعودية في طهران.
وتصاعدت التوترات بين إيران والسعودية في السنوات الأخيرة وانهارت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقال خامنئي في خطاب ألقاه عام 2019، معربا عن ثقته بأن أسرة آل سعود الحاكمة ستنهار في المستقبل القريب على "أيدي الثوريين الإسلاميين" وإن الحكومة السعودية "مستبدة وديكتاتورية وفاسدة".
وذكرت الصحيفة أن أحمدي نجاد كتب أيضا رسالة إلى زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي، وأخرى إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. وتتضمن الرسائل الثلاث اقتراحا من أحمدي نجاد ليلعب دورا في الوساطة لإنهاء حرب اليمن من خلال إنشاء لجنة من الشخصيات الدولية البارزة.
وسعى المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، علي رضا مير يوسفي، إلى التقليل من أهمية محاولات أحمدي نجاد للإقدام على لعب دور دبلوماسي مستقل.
وقال مير يوسفي "إن وجهات نظره (نجاد)، طالما أنه لا يزال مواطنا مدنيا، لا علاقة لها بسياسات الحكومة والإدارة في هذه اللحظة".
وأشارت الصحيفة إلى نفوذ أحمدي نجاد في النظام الإيراني، إذ يشغل مقعدا في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهي هيئة يتم تعيين أعضائها، ووظيفتها الإشراف على جميع فروع الحكومة. كما أنه يسافر بشكل روتيني حول إيران لإلقاء الخطب، ولديه شريحة معتبرة من المناصرين بين الإيرانيين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على عكس العديد من نظرائه الذين واجهوا السجن والإقامة الجبرية لانتقادهم النظام، لا يزال أحمدي نجاد حرا.
واستبعد دبلوماسيون ومحللون، أن تؤدي رسالة أحمدي نجاد إلى ولي العهد السعودي إلى أي تطورات دبلوماسية بين البلدين. كما اعتبر البعض أن هدف أحمدي نجاد من الرسالة إظهار أهميته كسياسي، في حين تواجه إيران العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، نتيجة العقوبات الأمريكية وعودة انتشار فيروس كورونا.
وقال روزبه مير براهيمي، وهو محلل إيراني مستقل مقيم في نيويورك، إن ولي العهد السعودي "لن يأخذ أحمدي نجاد على محمل الجد، لأن جميع الأشخاص الذين يتعاملون مع إيران، سواء إقليميا أو دوليا، يعرفون أن مَن يسيطر على مفاتيح القرارات هو علي خامنئي".
وأشارت الصحيفة إلى أن علاقة أحمدي نجاد مع القيادة الإيرانية تدهورت في السنوات الماضية، وحاول خلال هذه الفترة أحمدي نجاد أن يفصل نفسه عن سياسات الجمهورية الإسلامية. وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز العام الماضي دعا إيران للتفاوض مباشرة مع الرئيس ترامب بحكم أنه "رجل أعمال"، وقال إنه كتب ثلاث رسائل لترامب.
ومع ذلك اعتبرت الصحيفة الرسالة التي وجهها إلى ولي العهد السعودي، ربما أقوى تحد من قبل أحمدي نجاد للنظام الإيراني.
المصدر: نيويورك تايمز