قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إن طرح الحياد لقي تأييدا واسعا وشكّل مادة للكثير من المقالات والحوارات والأفكار، ووجد فيه معظم اللبنانيين منفذا لنفق كان مظلما.
وأضاف في عظته، خلال قداس ترأسه، في بازيليك سيدة لبنان في حاريصا، لمناسبة عيد القديس شربل، بمشاركة شبيبة لبنان وشخصيات عسكرية وعدد من المؤمنين، "بيانات الوزارات المتتالية في لبنان منذ عام 1943 إلى سنة 1980 نجد فيها اعتماد لبنان الحياد وعدم الانحياز وتعزيز علاقات الاحترام المتبادل للسيادة والتعاون بعيدا عن أي دخول في أحلاف ونزاعات وصراعات إقليمية ودولية".
وشدّد الراعي على أنّ "نظام الحياد يحمي مصير لبنان من الضياع في لعبة الأمم ومن أخطار العبث بهويته ونظامه، وبطرح هذا النظام نريد إنقاذ شعبا ووطنا"، مشيرا إلى أنّ "الحياد ليس موقفا عابرا بل هو فلسفة وجود وثقافة حياة ونظام سلام ووحدة واستقرار".
ورأى أنّ "المطلوب ألا يأخذ أحد موقفا من نظام الحياد انطلاقا من انتماءاته الطائفية والحزبية والمناطقية بل انطلاقا من انتمائه للبنان المحايد أصلا في ممارساته كدولة"، مؤكدا أن "نظام الحياد مسؤولية الدولة، فالانحياز أهلك الدولة أما الحياد فسينقذها".
وكان حمّل بطريرك الموارنة في لبنان، "حـزب الله"، مسؤولية انهيار الاقتصاد اللبناني، في أشد انتقاد للحزب المدعوم من إيران.
وألقى البطريرك الراعي باللوم على دور "حزب الله" في حكومة حسان دياب، في وقف مصدر حيوي للمساعدات من الدول الغربية والخليجية، ونقل تقرير عنه قوله "لهذا السبب ندفع الثمن".
وبحسب "رويترز"، اعتبر البعض أن آخر عظتين ألقاهما البطريرك يمثلان تحولا إلى خطاب أكثر انتقادا لسياسات "حزب الله" والرئيس اللبناني ميشال عون، المتحالف معه.
وللراعي نفوذ كبير بوصفه رأس كنيسة الطائفة التي يجب اختيار رئيس الدولة منها بموجب نظام الحكم الطائفي.
انهيار اقتصادي
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يوميا مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
وتعثرت محادثات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، التي بدأت في أيار/مايو الماضي، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
واستشعر اللبنانيون هاجس الانهيار منذ شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.
وبدأت الأزمات المتلاحقة من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.
إيران إنسايدر