قال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة، إن الانتكاسة الاقتصادية التي تعرض لها لبنان جعلته دولة فاشلة.
وأضاف، في تصريحات لقناة "سكاي نيوز"، أن بلاده تعيش في خضم أزمة غير منظورة من جانب العالم، لكن أكد أنه "سيتم في نهاية المطاف الاتفاق على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي".
وقال "هناك ضوء في نهاية النفق. واثق 100 بالمئة من أنه سيتم الاتفاق قريبا على خطة إنقاذ دولية لمساعدة لبنان".
وردا على سؤال حول ما إذا كان من الإنصاف وصف لبنان بأنها دولة فاشلة، قال "بالطبع إنها كذلك، فالأزمة الاقتصادية أدت إلى انهيار الأشياء الأساسية (..)".
وأضاف "الحكومة تفعل في رأيي كل ما هو مطلوب للخروج من هذه الأزمة"، وهو أمر لا يتفق معه كثير من اللبنانيين الساخطين على أداء السلطات.
وتطرق الوزير إلى إخفاقات الحكومات المتعاقبة في لبنان، وقال "نحن ندفع ثمن الإدارة السيئة للاقتصاد والجانب المالي من اختلالات الموازنة وميزان المدفوعات لمدة 30 عاما. الكثير من الناس الذين كانوا ميسوري الحال باتوا الآن على حافة الفقر". وتشهد العاصمة اللبنانية بيروت، قطعا منتظما للتيار الكهربائي يترواح بين ساعتين وثلاث ساعات يوميا.
وتعليقا على أزمة الكهرباء، قال نعمة إنها "مشكلة في الإمداد وليست مشكلة تمويل"، واصفا الأمر بـ"الفظيع"، وتحدث عن سلسلة الإمدادات التي تعرضت إلى الانهيار.
انهيار اقتصادي
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يوميا مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
وتعثرت محادثات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، التي بدأت في أيار/مايو الماضي، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
واستشعر اللبنانيون هاجس الانهيار منذ شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.
وبدأت الأزمات المتلاحقة من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.
ثورة تشرين
وخرج اللبنانيون طوال أشهر للمطالبة بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ويعلنون رفض الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء الحالي حسان دياب، ويعتبرون أنها حكومة لون واحد وغير قادرة على حل مشاكل البلاد الاقتصادية كون أن "حزب الله" أبرز الداعمين لها منذ ولادتها.
المصدر: سكاي نيوز + إيران إنسايدر