ربما يعيق الانفجار الغامض والحريق الذين أصابا منشأة نطنز النووية الإيرانية جهود إيران في تصنيع أجهزة طرد مركزي متطورة، لكنه لم يمنع طهران من زيادة مخزونها المتزايد من اليورانيوم منخفض التخصيب، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".
وكان خفض مخزون إيران من اليورانيوم المخصب أحد البنود الرئيسية للاتفاق النووي الذي توصلت إليها القوى العالمية مع إيران قبل خمس سنوات، والذي بات في حكم الميت بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من جانب واحد من الاتفاق قبل عامين.
ويرى الخبراء أن زيادة المخزون الإيراني، يعني ضيق النافذة الزمنية أمام إيران لإنتاج قنبلة نووية في حال اختارت ذلك، ورغم تأكيد طهران على سلمية برنامجها النووي، إلا أنها جددت التهديدات بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي الرئيسية في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران من جانب الأمم المتحدة بسبب انتهاء صلاحيته في أكتوبر المقبل، كل هذا يثير مخاطر اندلاع المزيد من المواجهات في الأشهر المقبلة.
وكان المسؤولين الإيرانيين قللوا من أهمية الانفجار في البداية، لكنهم بعد أيام، اعترفوا بأن الحريق وقع في تلك المنشأة وأثار احتمال حدوث تخريب في الموقع، الذي استهدفه في وقت سابق فيروس "ستوكسنت" الحاسوبي الخبيث.
مع ذلك، حرصت طهران على عدم إلقاء اللوم مباشرة على الولايات المتحدة أو إسرائيل، التي ألمح مسؤولوها بشدة إلى أن لها يدا في الحريق، فاتهام طهران المباشر من شأنه أن يزيد الضغط على المتشددين في إيران للرد، وهو أمر لا تريد طهران القيام به على ما يبدو.
الانتقام
لكن هذا قد يؤدي أيضا إلى إبعاد إيران عن الصين وروسيا، اللتين حثتا كل الأطراف على الالتزام بالاتفاق النووي، وتأمل الولايات المتحدة في تمديد الحصار، واصفة التهديدات الإيرانية بشأن تجديدها بـ "تكتيك المافيا"، لكن واشنطن وجهت تهديداتها الخاصة، مدعية أنها قد تتذرع بـ "إعادة فرض" جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران التي خففت بموجب الاتفاق النووي ما لم يتم تمديد الحظر – وذلك رغم أنها انسحبت من الاتفاق.
مع إطلاق ترامب حملات قبل انتخابات نوفمبر، قد يكون أكثر استعدادًا لتحمل هذه المخاطر لإبراز أنه أوفى بوعد حملته عام 2016 بالانسحاب من الاتفاق النووي، واتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه طهران.
من جانبها، حذرت مجموعة أوراسيا في تحليل، الثلاثاء الماضي، من أن "الحملة الدبلوماسية الأميركية، بالإضافة إلى التخريب الإسرائيلي المشتبه به، والهجمات المستمرة على القوات الأميركية في العراق، أمور ستثير توترا شاملا مع إيران، وستؤدي لحالة جديدة من عدم اليقين في حسابات القيادة الإيرانية".
وأضافت "يمكن أن يدفع ذلك إيران لاتخاذ إجراءات أكثر خطورة في المجال النووي، أو الانتقام من خلال جبهة العراق أو المنطقة".
ضربة موجعة
وكتبت سيما شاين، مديرة برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، والتي عملت سابقا في جهاز الاستخبارات الموساد "إن الانفجار الذي وقع في نطنز يشكل ضربة موجعة لخطط إيران للانتقال إلى مراحل أكثر تقدما في مشروعها النووي".
وحذرت شاين من أن "ذلك لن يعيق إيران عن مواصلة جهودها في تخزين لليورانيوم المخصب منذ أن بدأت انتهاكاتها التدريجية للاتفاقية النووية".
وكان تقرير للوكالة الدولة للطاقة الذرية قد أشار إلى أن إيران امتلكت حتى يونيو الماضي أكثر من 1500 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب، في انتهاك واضح لاتفاق 2015 الذي يحدد لإيران امتلاك 300 كيلوغرام فقط من اليورانيوم بنسبة تخصيب 3.67 بالمائة فقط، وهو مستوى أقل بكثير من المستويات المطلوبة لإنتاج أسلحة نووية.
ويعني امتلاك إيران الآن لـ1500 كيلوغرام من اليورانيوم، أنها تمتلك ما يكفي لصنع قنبلة نووية، في حال قررت المضي قدما لإنتاج قنبلة، برغم ذلك، يظل هذا المخزون أقل بكثير مما كان عليه في الأيام التي سبقت اتفاق 2015، حيث كانت طهران تمتلك ما يكفي لصنع أكثر من عشر قنابل واختارت عدم تحويل مخزونها إلى سلاح.
وستكون إيران بحاجة أيضا إلى زيادة تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي سيجذب انتباه المفتشين الدوليين الذين ما زالوا قادرين على الوصول إلى منشآتها النووية.
التوترات
كل هذا يأتي بعد سلسلة من الحوادث التي بلغت ذروتها العام الماضي بمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني في غارة أميركية بطائرة بدون طيار في بغداد في يناير، والذي أعقبه هجوم صاروخي إيراني استهدف قواعد عراقية تضم قوات أميركية في العراق.
ولا تزال هذه التوترات قائمة حتى اليوم، في الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة وإيران نتيجة تفشي فيروس كورونا، وأبدت إيران بالفعل استعدادها لاستخدام برنامجها النووي كورقة ضغط، حيث من المقرر أن ينتهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على طهران منذ فترة طويلة، في أكتوبر.
ويمنع هذا الحظر الذي فرض في 2010 إيران من شراء أنظمة أسلحة أجنبية رئيسية مثل الطائرات المقاتلة والدبابات، وهددت إيران بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي نتيجة حملة الضغط الأميركية. وكانت كوريا الشمالية، الدولة النووية الوحيدة التي تنسحب من المعاهدة على الإطلاق.
وطرد مفتشي الوكالة واحتمال إغلاق كاميراتهم التي تشاهد الآن منشآت نووية إيرانية سيسلب قدرتهم على معرفة ما إذا كانت إيران تدفع نحو تخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من مستوى تصنيع الأسلحة.
المصدر: إيران إنسايدر