قالت وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم الأربعاء، إن لبنان يسعى إلى تأمين استثمارات من قبل الصين، مع تضاؤل فرص حصوله على الدعم المطلوب من الغرب والعرب لتجاوز أزمته المالية، دون إجراء إصلاحات ملموسة.
وذكرت الوكالة، في تقرير نشرته، أن لبنان الذي كان على مدى وقت طويل مجالا للتنافس بين إيران والسعودية بات الآن من النقاط المهمة بالنسبة لتصعيد التوترات بين الصين والغرب، مشيرة إلى أن حكومة، حسن دياب المدعومة من "حزب الله"، تبحث حاليا عن الدعم الصيني، على خلفية عدم إحراز أي تقدم يذكر في مفاوضاتها الماراثونية مع صندوق النقد الدولي، ورفض المانحين الدوليين تقديم مساعدات مالية إلى بيروت بقيمة 11 مليار دولار وعدوا بدفعها عام 2018 ، ما لم تطبق في البلاد إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق وإجراءات في سبيل مكافحة الفساد.
ولفت التقرير، إلى أن الالتفات نحو الصين يحظى بدعم نشط من قبل "حزب الله" اللبناني، لكنه يهدد في الوقت نفسه العلاقات بين حكومة بيروت والولايات المتحدة، واصفا استراتيجية الحكومة اللبنانية الحالية بـ"السير على حبل بهلوان".
وأشارت الوكالة إلى أن دياب استقبل في وقت سابق من الشهر الجاري سفير الصين لدى لبنان، وانغ كيجيان، وبعد ذلك تم توجيه وزير الصناعة اللبناني، عماد حب الله، بدراسة فرص التعاون مع بكين.
ونقلت الوكالة عن مسؤول وزاري طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله "تحركنا نحو الصين جدي جدا، لكننا لا ندير ظهرنا للغرب.. نمر بظروف استثنائية، ونرحب بكل من ينوي مساعدتنا".
وأوضح المسؤول أن الصين اقترحت الإسهام في إنهاء أزمة الطاقة المستمرة منذ عقود في لبنان، عبر شركاتها الحكومية، مؤكدا أن حكومة بيروت تدرس حاليا هذا المقترح.
وأكد المسؤول المذكور والاقتصادي، حسن مقلد، للوكالة أن بكين عرضت أيضا إنشاء شبكة محطات طاقة ونفقا يصل بين بيروت ووادي البقاع، وسكة حديدية على طول سواحل لبنان.
وقدر مقلد، الذي زار الصين عدة مرات في عامي 2018 و2019 ، قيمة المشاريع المقترحة من قبل بكين بنحو 12.5 مليار دولار.
ولفت التقرير إلى أن هذه الاستثمارات قد تجلب منفعة إلى كلا الطرفين، موضحا أن الصين قد تستفيد من تحسين علاقاتها مع لبنان باعتبار هذه الدولة منطلقا لأعمال إعادة إعمار سوريا المجاورة.
كما رجح التقرير أن ميناء طرابلس اللبناني الذي تم توسيعه في السنوات الأخيرة قد يصبح نقطة مهمة ضمن مشروع "طريق الحرير" الصيني.
من جانبها، حذرت السفيرة الأمريكية لدى لبنان، دوروثي شيا، حكومة بيروت من التقارب مع بكين، إذ قالت إن الالتفات نحو الشرق لن يحل جميع مشاكل البلاد، محذرة من أن هذا التقارب قد يتم على حساب الازدهار والاستقرار والاستدامة المالية للبنان، ناهيك عن علاقاته طويلة المدى مع الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أن إيران اقترحت أيضا على لبنان تصدير النفط إليه، لكن مسؤولين في بيروت يشعرون بالقلق حول إمكانية التعامل مع طهران، خشية من تعرض البلاد لعقوبات من قبل الولايات المتحدة.
كما تخوض حكومة بيروت، حسب التقرير، مفاوضات مع حكومة بغداد بشأن إمكانية تصدير الوقود من العراق مقابل منتجات زراعية لبنانية.
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يومياً مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
أسوشيتد برس + إيران إنسايدر