يعيش العراق حالة من الترقب بعد أن اعتقل جهاز مكافحة الإرهاب العراقي عناصر تابعة لمليشيات في العاصمة بغداد، فيما صار يعرف بـ"حادثة الدورة" نسبة إلى المنطقة التي جرى فيها الاعتقال.
وكانت قيادة العمليات المشتركة، أعلنت في بيان، الجمعة، أن جهاز مكافحة الإرهاب ألقى القبض على "14 متهما" باستهداف مواقع عسكرية ومدنية بالصواريخ.
ومباشرة بعد تسريب خبر عملية الاعتقال، انتشر المئات من عناصر ميليشيا كتائب حزب الله في شوارع بغداد وجابوا بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء وفقا لمصادر أمنية عراقية تحدثت لـ"موقع الحرة" في وقت سابق.
وانتشرت مقاطع فيديو تظهر عناصر "حزب الله" بشاحنات صغيرة يتجولون في العاصمة ويرددون هتافات منددة برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومتوعدة بالانتقام.
كما تمكن بعض عناصر هذه المجموعة من الدخول للمنطقة الخضراء "بعجلات حكومية وبدون موافقات رسمية متجهة نحو مقرات حكومية من داخل المنطقة الخضراء وخارجها وتقربت من أحد مقار جهاز مكافحة الارهاب داخل المنطقة الخضراء" في بغداد، كما أفاد البيان العسكري العراقي.
رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي اقترن اسمه بنجاحات جهاز مكافحة الإرهاب في مواجهة تنظيم داعش، والذي يعتبر من أكبر داعمي الجهاز، دعا الأحد إلى "رص الصفوف"، في تغريدة انتقدت من "يعبث بالأمن ويحمل السلاح خارج الدولة".
سلف العبادي، رئيس الوزراء نوري المالكي دعا أيضا إلى "ضبط النفس"، محذرا من "الفتنة" بين "شركاء الوطن والهم".
ويقول المحلل السياسي العراقي محمد سليمان إن "حادثة الدورة كانت مؤشرا مهما على تصاعد حدة الخلافات كما أن الدعوات من كل الأطراف لضبط النفس دليل على تصاعد خطير، لكنها أيضا بينت بشكل أوضح الاصطفافات السياسية".
وبحسب سليمان فإن "المالكي منح شرف التحرير للحشد الشعبي، وهذا غير دقيق لأن الحشد حرر نحو 15 بالمئة من مناطق نفوذ داعش، ولم يخض معه أية معركة كبيرة منفردا فيما انفردت قوات الجيش ومكافحة الإرهاب بتحرير الأجزاء الباقية وخاضت معارك كبيرة جدا مثل معارك الفلوجة والموصل".
ويقول سليمان لموقع "الحرة" إن "خلط الأوراق هذا كان ممنهجا، والساسة أرادوا غطاء جديدا لتمرير امتلاكهم قوى عسكرية وهذا الغطاء هو ما يعرف بتضحيات الحشد".
وأضاف أن "العبادي من جهة أخرى يحاول مع تيار الحكمة وداعمي الكاظمي الآخرين البقاء على توازن وعدم استعداء الحشد بشكل مباشر، لكنهم يحرصون على دعم التحرك لتقليل نفوذ الميليشيات".
ويؤكد سليمان أن "تقاطع المسارين واضح، وسيصطدمان يوما ما لا محالة".
لكن المحلل الأمني هشام الهاشمي لا يعتقد ذلك، فهو يقول في حديث لموقع "الحرة" إن "القدرة العسكرية والقانونية والمالية متوفرة للكاظمي إذا أراد لكنه لا يمتلك إرادة سياسية كافية لإنهاء تمرد وتحدي الفصائل".
وبحسب الهاشمي فإن "المواجهة مؤقتة ومحدودة جاءت فقط لإرجاع خلايا الكاتيوشا إلى تفاهمات تمت مع قيادات سياسية وفصائلية من تحالف الفتح تقضي بالتوقف عن أعمال التمرد والتحدي حتى تنتهي الحوارات العراقية الامريكية، لكنهم استمروا بالتحدي فكان خيار المواجهة المحدودة من أجل ارجاعهم الى نقطة الاتفاق".
وأضاف الهاشمي أنه "إذا تكررت أعمالهم فأظن أنه ستكون هناك مواجهة محدودة، لكن استبعد أن تكون هناك مواجهات عنيفة تأخذ مساحة ووقتا طويلا، ربما فقط مواجهات خطابية إعلامية، وردات فعل عنيفة محدودة ومسيطر عليها".
ويبدو الكاظمي مصمما على إضعاف الميلشيات، فبحسب الهاشمي فإن "الخطة الأمنية لعودة سيادة القانون على جميع المنافذ الحدودية وطرد المكاتب الاقتصادية السياسية والفصائلية منها قد اكتملت، وهذه مواجهة أخرى تضر باقتصادهم ولوبيات الفساد التي تحميها قيادات من خلايا الكاتيوشا".
ويقول الصحفي العراقي أحمد حسين إن "ردة فعل الفصائل المسلحة فجر الجمعة كان يمكن أن تعصف بالكاظمي لولا تدخل أطراف وازنة".
وأضاف أن "الكاظمي قد لا يكون متحمسا لخوض مغامرة أخرى من هذا النوع على المدى القريب ربما، على الرغم من تأكيد مراقبين مختصين في مجال الأمن، أن عمليات من العيار الثقيل قد تقدم عليها الحكومة للحد من نفوذ بعض الفصائل خاصة على الحدود الغربية، وفي منفذ القائم تحديدا".
وتشير مصادر موقع "الحرة" إلى عناصر كتائب حزب الله يديرون عملية تهريب عوائل من عناصر تنظيم داعش من سوريا إلى العراق عبر حدود مدينة القائم، بالتعاون مع ضباط فاسدين".
وقالت المصادر إن عشرات من منتسبي جهاز مكافحة الإرهاب تحركوا إلى القائم تحضيرا لعملية ضد نشاط التهريب.