أبدت أربع كتل برلمانية -أبرزها تحالف الفتح وتحالف دولة القانون- رفضها ما وصفته بـ"التجاوز على الدستور" الذي قام به رئيس الجمهورية برهم صالح بتكليف النائب عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة بعيدا عن رغبة الكتلة البرلمانية الكبرى.
وحذرت الكتل من أنها ستستخدم جميع ما أسمتها "الطرق والوسائل القانونية والسياسية والشعبية" لإيقاف ما وصفته بالتداعي الذي إن استمر فإنه سيهدد السلم الأهلي ويفكك النسيج الوطني.
أما تحالف الحكمة بزعامة عمار الحكيم، أعلن عن اعتراضه على التكليف دون أن يوقع على بيان الكتل الأربع.
لكن المحكمة الاتحادية، قالت إن قرار التكليف يستند إلى الدستور الذي يجيز للرئيس اتخاذ هذه الخطوة، بعيدا عن الكتلة البرلمانية الكبرى، بعد 15 يوما من اعتذار المكلف السابق عن تشكيل الحكومة.
من جهته، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من سماهم "الأصدقاء من دول الجوار" وآخرين وصفهم "بالمحتلين"، إلى عدم التدخل في آلية اختيار رئيس للحكومة العراقية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لبلاده.
وقال الصدر في تغريدة إن صراع السياسيين الشيعة الذي ما عاد يطاق، هو من غير آلية الاختيار، على حد تعبيره.
وأضاف أن اختيار أناس غير أكفاء أو وعدم التوافق على مرشح هو ما استدعى اختيار شخص غير مقرب. ودعا الصدر في التغريدة إلى ترك الخلافات والاهتمام بسيادة العراق.
وفي السياق، أبدت كتلة الفتح، التي يتزعمها رئيس منظمة بدر هادي العامري، والتي عدّت التكليف استفزازيا. وهو ما يعني أن الزرفي لم يتمكن من منح العامري التطمينات المطلوبة، خصوصا أن الفصائل المسلحة المنضوية في (الحشد الشعبي)، الذي يُعتبر العامري من أبرز قياداته، تحسب رئيس الوزراء المكلّف على الأميركيين، وبالتالي يُعد بعيدا من إيران من هذه الزاوية.
وقالت كتلة الفتح في بيان "نرفض الخطوة غير الدستورية التي قام بها رئيس الجمهورية بتكليف مرشح خارج السياقات الدستورية، والتي تُنص على تكليف مرشح الكتلة الأكبر وإعلانه رسميا".
وأضاف البيان أن صالح "تجاوز الدستور من جهة، ولم يلتزم بالتوافق بين القوى السياسية من جهة أخرى، محملا صالح كامل المسؤولية عن تداعيات هذه الخطوات الاستفزازية". وهددت الكتلة بـ"اتخاذ جميع الإجراءات لمنع هذا الاستخفاف بالقانون والدستور".
وتعليقا على تكليف الزرفي، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو -في تغريدة على تويتر- إن العراقيين يريدون حكومة تدعم سيادة العراق، وتوفر الاحتياجات الأساسية، ولا يشوبها فساد، وتحترم حقوقهم الإنسان.
وأضاف بومبيو أن رئيس الوزراء العراقي المكلف إذا وضع هذه المصالح أولا، فسيحظى بالدعم الأميركي والدولي.
من هو الزرفي؟
محافظ سابق غير مشهور بدرجة كبيرة على صعيد السياسة الوطنية، بتشكيل حكومة جديدة خلال 30 يوما.
وكان "الزرفي" محافظًا لـ"النجف"، بعد سقوط "صدام حسين"، ويرأس "كتلة النصر" الصغيرة في البرلمان، التي ينتمي لها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، حليف الولايات المتحدة.
وقال أعضاء في البرلمان، لـ (رويترز)؛ إن الرئيس، برهم صالح، لم يُكلف الزرفي إلا بعد أن فشلت الأحزاب السياسية في اتخاذ قرار بشأن من سيُخلف، عادل عبدالمهدي، الذي استقال، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، خلال اضطرابات حاشدة قُتل فيها المئات.
ويُنظر إلى "الزرفي"، الذي عاش في الولايات المتحدة” كلاجئ في التسعينيات بعد فراره من صدام حسين، على أنه شخصية علمانية نسبيا في بلد تُهيمن عليه الأحزاب الطائفية منذ فترة طويلة.
ويتعين عليه الآن الحصول على ثقة البرلمان في حكومته الجديدة، وهي مهمة صعبة بسبب اعتراض الجماعات الرئيسة، المدعومة من إيران، على تعيينه.
والزرفي؛ هو السياسي الثاني الذي يُكلفه صالح بتشكيل حكومة، منذ إعلان عبدالمهدي استقالته. وفي الأول من شباط/فبراير الماضي، قام الرئيس العراقي بتكليف محمد توفيق علاوي، رئيسا للوزراء، لكنه سحب ترشيحه للمنصب بعد شهر، متهما الأحزاب السياسية بعرقلته.
الشارع يرفض
وواصل العراقيون حراكهم، يوم الأربعاء، رغم المطالبات بالالتزام بالمنازل خوفا من انتشار فيروس كورونا.
وخرج المتظاهرون في ساحة الحبوبي بالناصرية، للتأكيد على عدم التخلي عن أهداف ثورة تشرين، ومن بينها عدم استحواذ الأحزاب التابعة لإيران على منصب رئاسة الحكومة.
واستمر قطع الجسور و التقاطعات في الناصرية رفضا لترشيح عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء وعودة عادل الدخيلي إلى منصبة كمحافظ لذي قار.
فيما أظهرت لقطات أخرى استمرار ثوار التحرير بالعاصمة بغداد في اعتصامهم رغم الأمطار والطقس البارد.
ثورة العراق
ويشهد العراق احتجاجات شعبية واسعة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية، لتطالب بإسقاط الحكومة.
ونجح المتظاهرون بإسقاط الحكومة العراقية التي يترأسها عادل عبدالمهدي، بعد لجوء قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران للعنف لوأد الاحتجاجات، كما تمكنوا يوم الأحد 1 آذار/مارس بإجبار رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي على الانسحاب من تشكيل الحكومة.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وحل البرلمان، وتنظيم انتخابات مبكرة.
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في العراق منذ اندلاعها في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى 558 مدنيا برصاص قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران، غالبيتهم لقوا حتفهم برصاص قناصة، بحسب ما أفادت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر.
وعادت الاحتجاجات إلى زخمها بعد تكليف الرئيس العراقي برهم صالح للوزير السابق محمد توفيق علاوي بتشكيل حكومة جديدة خلفا لعبد المهدي.
ومرت الاحتجاجات بثلاث مراحل تخللها عنف الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية لإيران وتنكيلهم بالمتظاهرين، الأولى امتدت من الأول من تشرين الأول/أكتوبر، حتى العشرين من الشهر ذاته، وبدأت الموجة الثانية من 25 تشرين الأول/أكتوبر، والثالثة بعيد تكليف علاوي بتشكيل الحكومة وهو الأمر الذي يرفضه بشدة المتظاهرين ويصرون على تكليف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن تسلط الأحزاب والتيارات السياسية المرتهنة لإيران، والتي يتهمونها بتكريس الفساد ورعايته طيلة 16 عاما.
العنف الذي جوبهت به المظاهرات لم يمنع العراقيين من الحفاظ على سلميتهم، وابتكار أساليب عدة للاحتجاج وإيصال رسالتهم للمسؤولين والأحزاب، أبرزها قطع الطرقات، والاعتصام بالساحات.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر