يشهد العراق احتجاجات شعبية واسعة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية، لتطالب بإسقاط الحكومة.
ونجح المتظاهرون بإسقاط الحكومة العراقية التي يترأسها عادل عبدالمهدي، بعد لجوء قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران للعنف لوأد الاحتجاجات.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وحل البرلمان، وتنظيم انتخابات مبكرة.برهم
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في العراق منذ اندلاعها في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى 554 مدنيا برصاص قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران، غالبيتهم لقوا حتفهم برصاص قناصة، بحسب ما أفادت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر.
وعادت الاحتجاجات إلى زخمها بعد تكليف الرئيس العراقي برهم صالح للوزير السابق محمد توفيق علاوي بتشكيل حكومة جديدة خلفا لعبد المهدي.
ومرت الاحتجاجات بثلاث مراحل تخللها عنف الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية لإيران وتنكيلهم بالمتظاهرين، الأولى امتدت من الأول من تشرين الأول/أكتوبر، حتى العشرين من الشهر ذاته، وبدأت الموجة الثانية من 25 تشرين الأول/أكتوبر، والثالثة بعيد تكليف علاوي بتشكيل الحكومة وهو الأمر الذي يرفضه بشدة المتظاهرين ويصرون على تكليف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن تسلط الأحزاب والتيارات السياسية المرتهنة لإيران، والتي يتهمونها بتكريس الفساد ورعايته طيلة 16 عاما.
العنف الذي جوبهت به المظاهرات لم يمنع العراقيين من الحفاظ على سلميتهم، وابتكار أساليب عدة للاحتجاج وإيصال رسالتهم للمسؤولين والأحزاب، أبرزها قطع الطرقات، والاعتصام بالساحات.
وأعطى الطلاب والطبقة المثقفة وأساتذة الجامعات وخريجو الجامعات العاطلون عن العمل، زخما للمظاهرات الشعبية، من خلال مشاركتهم الواسعة وإعلانهم الإضراب العام عن التعليم حتى تحقيق كامل مطالب الحراك الشعبي.
القمع بالتدريج
تعرضت المظاهرات الشعبية لقمع من قبل قوات الأمن والميليشيات المرتبطة بإيران، إلا أن الضربة الأكبر للمتظاهرين كانت من قبل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، عندما طلب من ميليشيا "القبعات الزرقاء" الانسحاب من ساحات الاعتصام والتوقف عن دعم الحراك، الذين بدورهم هاجموا المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد، وساحة الاعتصام في النجف وكربلاء والبصرة، في محاولة منهم لإنهاء الحراك وشق صفه لدعم مرشح الصدر محمد توفيق علاوي.
وبعد انكشاف لعبة الصدر، وافتضاح مشروعه أمام الشعب، وفشله في فض الاحتجاجات، أعلن عن حل ميليشيا القبعات الزرقاء، وقال الصدر في تغريدة على حسابه بتويتر "لا أرضى بتواجد التيار الصدري بعنوانه في المظاهرات إلا إذا اندمج وصار مع الثوار".
وأضاف الصدر "أدعو القوات الأمنية لحماية الثوار السلميين من أي جهة تعتدي عليهم ولو كانوا ممن ينتمون لي ظلما وزورا".
ويصف مراقبون أصحاب القبعات الزرقاء بأنهم الحلقة الأخيرة في تطور ميليشيات الصدر، والذي عكف على إعادة تلوين وتشكيل ذراعه المسلحة منذ عام 2003.
وكان الهدف المعلن لميليشيا القبعات الزرقاء هو الفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن منعا للاشتباكات، وذلك في الفترة التي أعلن فيها الصدر تأييده للمتظاهرين قبل أن يسحب تأييده الشهر الماضي، ويشرع في سحب أتباعه من ساحة التحرير وبقية الميادين.
واتهم منسقو مظاهرات العراق في 25 كانون الثاني/يناير الماضي، الصدر بـ"خيانة الثوار" بعدما قامت القوات الأمنية بفض الاعتصام في مدينة البصرة، بمجرد انسحاب أنصار الصدر منه، مما أثار شكوك الناشطين حول تواطؤ الصدر والرسالة المراد إيصالها.
وتشهد ساحات الاعتصام -وخصوصا ساحة التحرير مركز الاحتجاجات في بغداد- توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين المطالبين بإسقاط رئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي وتكليف شخصية مستقلة بتشكيل الحكومة ومحاسبة الفاسدين من الطبقة السياسية.
وتحدث نشطاء من بغداد عن حيلة لجأ إليها مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري من أجل القفز على الحراك الشعبي عبر اصطناع موافقة المتظاهرين على تكليف علاوي.
وخلال الأيام القليلة، رصد المتظاهرون تجاوزات عديدة نفذتها ميليشيا أصحاب القبعات الزرقاء بحق المتظاهرين السلميين تلبية لدعوة من الصدر شخصيا.
مطالب الحراك
وحدد العراقيون مطالبهم بعشرين مطلبا، مشددين على تحقيقها بالكامل، وهي:
١- إسقاط الحكومة وتقديم عادل عبد المهدي للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين.
٢- حل البرلمان.
٣- كتابة دستور جديدة للبلاد يكتبه مختصون ومستقلون بعيدا عن الأحزاب والذين شاركوا في العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ وحتى يوم انتصار الثورة.
4 – إبعاد المؤسسة الدينية من التدخل في السياسة.
٥- استعادة أموال العراق المنهوبة ومحاكمة اللصوص والمسؤولين عن إهدار المال العا
٦- تشكيل مجلس قضاء جديد مستقل بعيدا عن الأحزاب والمحاصصة.
٧- إلغاء المحاصصة في إدارة الدولة.
٨- حل المليشيات كافة وحصر السلاح بيد الدولة.
٩- إجراء انتخابات مبكرة وبإشراف أممي ويمنع الترشح لها من الأحزاب والكتل السياسية التي شاركت في العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ وحتى يوم انتصار الثورة.
١٠- محاكمة الفاسدين من أعلى هرم في السلطة حتى منصب مدير عام منذ العام ٢٠٠٥ وحتى يوم انتصار الثورة.
١١ - تأسيس جيش عراقي جديد بعقيدة جوهرها الدفاع عن الوطن وحماية المواطن.
١٢ - حل الأجهزة الأمنية التي مارست القمع والقتل ضد المواطنين وتشكيل اجهزة أمن جديدة عقيدتها الجوهرية حماية المواطن وليس الدفاع عن السلطة.
١٣ - جعل الحكم رئاسي.
١٤ - صياغة قانون انتخابي جديد يكتبه مستقلون وأصحاب اختصاص.
١٥ - تشكيل محكمة جنائية خاصة بالفاسدين وبقتلة الشعب العراقي والذين أساؤوا استخدام السلطة ولم يحسنوا إدارة البلاد منذ ٢٠٠٥ وحتى يوم انتصار الثورة.
١٦ - إلغاء كافة الامتيازات التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث.
١٧ - إلغاء رواتب وامتيازات نزلاء رفحاء.
١٨ - تعليق عمل مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين لحين التدقيق في ملفاتها.
١٩ - حل هيئة النزاهة.
٢٠ - إلغاء كافة الدرجات الخاصة.
إجهاض الثورة
وتعمل الأحزاب والتيارات السياسية المرتبطة بإيران على إجهاض ثورة العراقيين، ومنعها من تحقيق أهدافها، ليقينها أن تحقيق مطالب الحراك سيضع حدا لتدخلات إيران وميليشياتها وأحزابها بالعراق، ولذلك عملت خلال الأشهر الماضية على وأد الحراك.
ووصف مسؤولون إيرانيون المتظاهرين العراقيين -الذين نزلوا معبرين عن غضبهم من التدخلات الإيرانية- في العراق بالـ"أوباش المأجورين"، وطالبوا الحشد الشعبي -الذي تُوصف بعض فصائله بولائها الشديد لإيران - بـ"اقتلاع جذورهم".
وأضرم متظاهرون النار، أكثر من مرة، في القنصلية الإيرانية في النجف وكربلاء، وردت الميليشيات التابعة لإيران بقتل عدد من المتظاهرين حينها.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر