بدأ اسم "القبعات الزرق" في الظهور بشكل واسع في العراق، فمن هم هؤلاء؟ ولمن يتبعون؟ وما الهدف من زعجهم بمواجهة شاملة مع المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين.
القبعات الزرقاء
برز دورهم خلال الأيام الماضية، بعدما توافدوا إلى ساحات التظاهر في مدن عدة، بهدف إنهاء الاحتجاجات بالقوة والسيطرة على الساحات من أجل تمرير المرشح المدعوم من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ويصف مراقبون أصحاب القبعات الزرقاء بأنهم الحلقة الأخيرة في تطور ميليشيات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، والذي عكف على إعادة تلوين وتشكيل ذراعه المسلحة منذ عام 2003.
وكان الهدف المعلن لميليشيا لقبعات الزرقاء هو الفصل بين المتظاهرين وقوات الأمن منعا للاشتباكات، وذلك في الفترة التي أعلن فيها الصدر تأييده للمتظاهرين قبل أن يسحب تأييده الشهر الماضي، ويشرع في سحب أتباعه من ساحة التحرير وبقية الميادين.
واتهم منسقو مظاهرات العراق في 25 كانون الثاني/يناير الماضي، الصدر بـ"خيانة الثوار" بعدما قامت القوات الأمنية بفض الاعتصام في مدينة البصرة، بمجرد انسحاب أنصار الصدر منه، مما أثار شكوك الناشطين حول تواطؤ الصدر والرسالة المراد إيصالها.
ويصر العراقيون في ساحات التظاهر على رفض أي مرشح من قبل الأحزاب التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية لإيران.
وتشهد ساحات الاعتصام -وخصوصا ساحة التحرير مركز الاحتجاجات في بغداد- توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين المطالبين بإسقاط محمد توفيق علاوي وتكليف شخصية مستقلة بتشكيل الحكومة ومحاسبة الفاسدين من الطبقة السياسية.
وتحدث نشطاء من بغداد عن حيلة لجأ إليها مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري من أجل القفز على الحراك الشعبي عبر اصطناع موافقة المتظاهرين على تكليف علاوي.
وخلال الأيام القليلة، رصد المتظاهرون تجاوزات عديدة نفذتها ميليشيا أصحاب القبعات الزرقاء بحق المتظاهرين السلميين تلبية لدعوة من الصدر شخصيا.
وفي محافظة النجف، أطلق أتباع الصدر الرصاص الحي على محتجين كانوا يقطعون الطريق احتجاجا على تكليف علاوي برئاسة الوزراء.
من هم؟
يقول الصحافي المتخصص في الجماعات الشيعية، مهند الغزي لموقع "الحرة"، إن القبعات الزرقاء تنظيم غير مسلح منحدر من سريا السلام الذي هو جزء من ميليشيا جيش المهدي التي كونها الصدر بعد عام 2003.
وكان الصدر قد أعلن تأسيس ميليشيا مسلحة لمقاتلة الجيش الأميركي تحت عنوان "جيش الإمام المهدي"، والتي خرج من رحمها 10 فصائل شيعية مسلحة أخرى، لكن قام الصدر بتجميد جيش المهدي وقواته الخاصة الملقبة بـ "اليوم الموعود"، عقب تفجير ضريح العسكريين في عام 2006، كما يقول الغزي.
سرايا السلام
وأوضح الغزي أن الصدر كان رافضا لأي نشاط ميليشياوي في العراق منذ حل ميليشياته في عام 2006، لكنه عاد للنشاط الميليشياوي مرة أخرى بتأسيسه حركة سرايا السلام في عام 2014 بعد سيطرة داعش على مدينة الموصل.
وسرايا السلام تعتبر فرعا من جيش المهدي، وهي جزء أيضا من قوات الحشد الشعبي التي أسست لمقاتلة داعش في عام 2014، ولدى سرايا السلام لواءان في الحشد هما اللواء 313 واللواء 314، بحسب الغزي.
ومع اندلاع الحراك الشعبي العراقي في أكتوبر 2019، أعلن الصدر تأسيس أصحاب "القبعات الزرقاء" من رحم ميليشيا سرايا السلام، ولفت الغزي إلى أن الشارات التي يحملها أعضاء القبعات الزرقاء في بغداد على سبيل المثال، تشير إلى ارتباطهم بقيادة بغداد التابعة لسرايا السلام.
كما رصد متظاهرون عنصر في جيش المهدي يلقب "أبو درع" ضمن "المظاهرة المليونية" التي خرجت في بغداد الشهر الماضي.
وأبو درع شخصية معروفة بدورها في النزاع الطائفي في العراق، حيث كان له دور في اختطاف وقتل مواطنين سنة، وقد كشف الصدر في عام 2011 أن أبي درع قد فر لإيران لفترة بسبب ما ارتكبه من جرائم.
وأوضح الخبير في الجماعات الشيعية، أن الهدف المعلن لميليشيا القبعات الزرقاء كان حماية المتظاهرين والفصل بينهم وبين قوات الأمن، لكن مع الوقت بدأوا في التعدي على المتظاهرين السلميين.
وتتكون مجموعة القبعات الزرقاء من خليط مكون من الشباب الصغار في أغلبه، بجانب قياديين يتراوح أعمارهم بين الـ 40 فأكثر، وهم في الأصل قيادات لسرايا السلام أو جيش المهدي، وفقا للخبير العراقي.
وفي الجمعة الماضية، أمر الصدر أتباعه بالحضور في ساحة التحرير في بغداد "بكثافة"، من أجل تأمين الساحات ممن سماهم بـ "المخبرين والعصابات، والمنحرفين أخلاقيا"، بينما كان الهدف الحقيقي في رأي الغزي، هو إعادة السيطرة على الساحات لـ"تمرير صفقة المرشح لرئاسة الوزراء محمد علاوي".
الوجه الحقيقي للصدر
ويواصل العراقيون تظاهراتهم الرافضة لتكليف علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة، واتهام الصدر بخيانة المتظاهرين في الساحات وتنفيذ أجندات إيران في العراق.
وخرجت مظاهرات في العاصمة بغداد هتفت "بالروح بالدم نفديك يا عراق، يا مقتدى شيل إيدك هذا الشعب ما يريدك".
واحتشد آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير لإدانة أفعال مقتدى الصدر وميليشياته "سرايا السلام" بعد اعتدائها على المعتصمين في المطعم التركي وطرد المتظاهرين والاستيلاء على منصة الإذاعة لتمرير مرشحه "علاوي" لرئاسة الوزراء، وهتف المتظاهرون "المطعم مطعم أحرار.. مش ذيوله".
مظاهرات العراق
ويشهد العراق احتجاجات شعبية عنيفة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية، لتطالب بإسقاط الحكومة.
ونجح المتظاهرون بإسقاط الحكومة العراقية التي يترأسها عادل عبدالمهدي، بعد لجوء قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران للعنف لوأد الاحتجاجات.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وحل البرلمان.
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في العراق منذ اندلاعها في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى 529 مدنيا برصاص قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران، غالبيتهم لقوا حتفهم برصاص قناصة، بحسب ما أفادت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر.
مطالب الحراك
وخرجت المحافظات العراقية بمظاهرات حاشدة، للتأكيد على التمسك بمطالبهم وحددوها بعشرين مطلبا:
١- إسقاط الحكومة وتقديم عادل عبد المهدي للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين.
٢- حل البرلمان.
٣- كتابة دستور جديدة للبلاد يكتبه مختصون ومستقلون بعيدا عن الأحزاب والذين شاركوا في العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ وحتى يوم انتصار الثورة.
4 – إبعاد المؤسسة الدينية من التدخل في السياسة.
٥- استعادة أموال العراق المنهوبة ومحاكمة اللصوص والمسؤولين عن إهدار المال العا
٦- تشكيل مجلس قضاء جديد مستقل بعيدا عن الأحزاب والمحاصصة.
٧- إلغاء المحاصصة في إدارة الدولة.
٨- حل المليشيات كافة وحصر السلاح بيد الدولة.
٩- إجراء انتخابات مبكرة وبإشراف أممي ويمنع الترشح لها من الأحزاب والكتل السياسية التي شاركت في العملية السياسية منذ ٢٠٠٣ وحتى يوم انتصار الثورة.
١٠- محاكمة الفاسدين من أعلى هرم في السلطة حتى منصب مدير عام منذ العام ٢٠٠٥ وحتى يوم انتصار الثورة.
١١ - تأسيس جيش عراقي جديد بعقيدة جوهرها الدفاع عن الوطن وحماية المواطن.
١٢ - حل الأجهزة الأمنية التي مارست القمع والقتل ضد المواطنين وتشكيل اجهزة أمن جديدة عقيدتها الجوهرية حماية المواطن وليس الدفاع عن السلطة.
١٣ - جعل الحكم رئاسي.
١٤ - صياغة قانون انتخابي جديد يكتبه مستقلون وأصحاب اختصاص.
١٥ - تشكيل محكمة جنائية خاصة بالفاسدين وبقتلة الشعب العراقي والذين أساؤوا استخدام السلطة ولم يحسنوا إدارة البلاد منذ ٢٠٠٥ وحتى يوم انتصار الثورة.
١٦ - إلغاء كافة الامتيازات التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث.
١٧ - إلغاء رواتب وامتيازات نزلاء رفحاء.
١٨ - تعليق عمل مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين لحين التدقيق في ملفاتها.
١٩ - حل هيئة النزاهة.
٢٠ - إلغاء كافة الدرجات الخاصة.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر