دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري، يوم الأحد، إلى تشكيل الحكومة بأسرع وقت لتهدئة العاصفة الشعبية، معتبرا أن بقاء قوى الأمن في مواجهة المتظاهرين "دوران في المشكلة وليس حلا".
وغرد الحريري قائلا "خفنا على بيروت البارحة لكنها لملمت كعادتها جراح أبنائها من قوى الأمن والمتظاهرين ومسحت عن وجهها آثار الغضب والشغب ودخان الحرائق. نسأل الله أن يمن على كل المصابين بالشفاء والسلامة وأن يجنب بلدنا خطر الوقوع في الفتن".
وأضاف "هناك طريق لتهدئة العاصفة الشعبية.. توقفوا عن هدر الوقت وشكلوا الحكومة وافتحوا الباب للحلول السياسية والاقتصادية. بقاء الجيش والقوى الأمنية والمتظاهرين في حالة مواجهة... دوران في المشكلة وليس حلا".
ووجه الحريري رسالة إلى أهالي مدينة طرابلس، وقال فيها "أخيرا كلمة إلى أهلي في طرابلس والشمال، يعز عليّ أن يقال انه تم استقدام شبان باسمكم لأعمال العنف أمس. لكنني أعلم أن كرامة بيروت أمانة رفيق الحريري عندكم وأنتم خط الدفاع عن سلامتها وضمير التحركات الشعبية ووجهها الطيب. احذروا رفاق السوء وراقبوا ما يقوله الشامتون بتخريب العاصمة".
يوم دامٍ
وأصيب حوالي 400 شخص في العاصمة بيروت، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية، وفق حصيلة جديدة.
وأفادت حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام للصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، أن 377 شخصا تمت معالجتهم في المكان أو نقلوا إلى المستشفيات في أعقاب صدامات في محيط البرلمان وساحة الشهداء.
واندلعت مواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية، مساء يوم السبت، وسط بيروت.
واتهم المتظاهرون قوات الأمن بمهاجمة وإحراق خيام المتظاهرين في ساحة رياض الصلح، بالتزامن مع اندلاع مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين قرب مجلس النواب.
وقالت مصادر محلية إن مواجهات اندلعت أيضا بين الطرفين، بعد وصول المظاهرات التي انطلقت من عدد من المناطق اللبنانية باتجاه وسط بيروت، وتحولت عند أحد مداخل ساحة النجمة لناحية البلدية إلى مواجهات عنيفة مع قوى مكافحة الشغب.
وأضافت أن وتيرة المواجهات تصاعدت مع إقدام عنصر من حرس المجلس على إحراق خيم المتظاهرين في محيط العزارية وسط بيروت.
وعلى إثر المواجهات التي حصلت في ساحتي النجمة والشهداء بدأ المصابون بالوصول الى بيت الكتائب المركزي في الصيفي حيث قدمت إليهم الإسعافات الأولية قبل أن ينقلهم الصليب الأحمر اللبناني إلى المستشفيات.
واعتبرت وزيرة الداخلية ريا الحسن أن تحول المظاهرات لاعتداء سافر على عناصر قوى الأمن والممتلكات "أمر مدان وغير مقبول أبدا".
وكان المتظاهرون ألقوا المفرقعات النارية باتجاه القوى الأمنية في محيط ساحة النجمة، كما رموا الفواصل الحديدية تجاههم محاولين اقتحام السياج الحديدي.
يأتي ذلك فيما قال الأمن الداخلي اللبناني حدث تعرض بشكل عنيف ومباشر لعناصر مكافحة الشغب على أحد مداخل مجلس النواب.
وتوافد آلاف المتظاهرين في العاصمة بيروت إلى محيط مجلس النواب، في "سبت الغضب"، ورددوا شعارات بينها "الشعب يريد إسقاط النظام".
واشتبكت قوات الأمن اللبنانية مع المحتجين بمحيط البرلمان، في الوقت الذي رد المتظاهرون برشق قوات الأمن بالحجارة والمفرقعات النارية، بعد منعهم من اجتياز الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة.
واحتشد المتظاهرون في نقاط التجمع المحددة في الدورة وبرج حمود والبربير وساحة ساسين، قبل أن يتوجهوا لمحيط مجلس النواب.
شمالا، انطلق اكثر من 15 باصا من طرابلس نحو وسط بيروت مع موكب كبير من السيارات من مناطق شمالية للمشاركة في التظاهرة أمام مجلس النواب.
وواكبت قوى الأمن المسيرات المتوجهة نحو وسط بيروت وطلبت التعبير عن الرأي بشكل سلمي ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة.
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات الذي انطلق في 17 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويعاني اللبنانيون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، وانهيار في سعر صرف الليرة، نتيجة الفساد المستشري والنظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر