شنت فصائل مسلحة وكتل برلمانية وأحزاب سياسية تابعة لإيران في العراق، هجوما على الرئيس برهم صالح، متهمة إياه بخرق الدستور العراقي.
ووجهت "كتائب حزب الله العراق"، مساء الخميس سهامها إلى صالح، واصفة خطوة رئيس الجمهورية بالتصرف المريب، ومتهمة إياه بـ "بخرق الدستور بعد رفضه أداء مهمته وواجبه الدستوري بتكليف الشخصيةِ التي ترشحها الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء".
واتهمت رئيس الجمهورية العراقية بالخضوع للإملاءات الأميركية، ولما سمته "ضغوط أطراف مشبوهة تعمل على استغلال التظاهرات لفرض إرادتها الخبيثة".
إلى ذلك، اعتبرت أن صالح أدخل العراق في أزمة جديدة، متهمة إياه "بالتهرب من مسؤوليته الوطنيّة والدستورية ملوحا بالاستقالة، في مزايدات مفضوحة بادعاء وقوفه إلى جانب إرادة الشعب".
من جانبه، اتهم "تحالف البناء" -الذي يقوده هادي العامري ونوري المالكي- الرئيس العراقي برهم صالح بمخالفة الدستور، وبانتهاج سياسة قتل الوقت، داعيا البرلمان لإقالته.
واعتبر التحالف في بيان، أن "سياسة المماطلة التي انتهجها رئيس الجمهورية وعدم التزامه بالمهل الدستورية دفع التحالف إلى تقديم الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتباره الكتلة النيابية الأكثر عددا، وقدم بالتالي مرشحه للرئيس الذي كان قد تعهد بتكليفه بتشكيل الحكومة". وأضاف التحالف "ولكن فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية".
وتابع البيان "إننا في تحالف البناء نرفض بشكل قاطع أي تبريرات أو عملية التفاف على الدستور"، حسب تعبيرهم.
إلى ذلك، ألمح تحالف البناء إلى إمكانية دخول البلاد في الفوضى، معتبرا في بيانه أن "انتهاك الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه الذي يرفض بقوة الإملاءات من أية جهة كانت وفرض سياسة الأمر الواقع ولي الأذرع وتجاوز المؤسسات الدستورية".
البرلمان يوضح
بدوره، قال نائب رئيس مجلس النواب بشير حداد، إن رسالة رئيس الجمهورية ليست قرار استقالة بل استعداد للاستقالة.
وأوضح في تصريح لوسائل اعلام محلية أنه في حال لم يسحب صالح رسالته خلال أسبوع فستعتبر عندها استقالة.
إلا أن حداد أكد في هذه الحالة أن هناك حاجة إلى توضيح قانوني ودستوري من قبل المحكمة الاتحادية كون رسالة الرئيس مجرد استعداد للاستقالة وليست استقالة واضحة كما نص عليها الدستور.
رفض مرشحي البناء
يذكر أن الرئيس العراقي برهم صالح رفض تكليف ثلاث مرشحين لرئاسة الوزراء من تحالف البناء القريب من إيران بعد رفضهم من قبل المحتجين في ساحات الاعتصام في بغداد والمحافظات الجنوبية، وهم النائب في البرلمان العراقي محمد شياع السوداني، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني .
وفتح رفض صالح مرشحي البناء، نار الانتقادات عليه من قبل التحالف نفسه، بالإضافة إلى أحزاب وفصائل موالية لإيران أبرزها كتائب حزب الله العراق.
وبحسب مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، تعرض صالح لضغوط كبيرة لتكليف مرشح تحالف البناء رئيسا للوزراء، إلا أنه رفض، وقال في رسالة وجهها الخميس إلى البرلمان إنه يفضل الاستقالة على تكليف رئيس للوزراء يرفضه الحراك في الشارع.
تظاهرات احتجاجية
وشهدت محافظات عراقية عدة، يوم الخميس، تظاهرات حاشدة وإضرابات بسبب عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين باختيار شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة.
وانطلقت مظاهرات في ساحة التحرير ببغداد وذي قار والناصرية والبصرة، فيما ردَّد المتظاهرون شعارات وطنية تؤكد أن الكتلة الأكبر هي "دماء القتلى من المتظاهرين في التحرير"، وفقا لهتافاتهم، وأن الحراك هو من سيشكل الحكومة.
ورفعت الأجهزة الأمنية في البصرة حالة الإنذار في المحافظة إلى المستوى "ج" وحتى إشعار آخر، فيما أقدم العشرات من المحتجين في محافظة البصرة، على حرق إطارات في تقاطعات وشوارع المحافظة، رفضا منهم لتكليف العيداني بتشكيل الحكومة.
وشهدت كربلاء تظاهرات حاشدة ضد مرشح الأحزاب أسعد العيداني لمنصب رئاسة الوزراء.
وأفاد ناشطون مدنيون في المحافظة بإطلاق مسلحين مجهولين الرصاص ضد المتظاهرين في ساحات الاعتصامات، وبوقوع مواجهات واعتداءات على المحال التجارية.
وأغلق متظاهرون عراقيون غاضبون في البصرة طرقا رئيسية وسط المحافظة، من ضمنها الشارع التجاري، احتجاجا على ما وصفوه بالإصرار على ترشيح أسعد العيداني، محافظ البصرة الحالي، لمنصب رئيس الوزراء.
وذكرت "وكالة أنباء العراق" أن ائتلاف النصر دعا لتشكيل حكومة مستقلة لقيادة مرحلة مؤقتة.
مظاهرات العراق
ويشهد العراق احتجاجات شعبية عنيفة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية، لتطالب بإسقاط الحكومة.
ونجح المتظاهرون بإسقاط الحكومة العراقية التي يترأسها عادل عبدالمهدي، بعد لجوء قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران للعنف لوأد الاحتجاجات.
ويطالبون بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين، وحل البرلمان.
وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في العراق منذ اندلاعها في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى 488 مدنيا برصاص قوات الأمن وميليشيات مرتبطة بإيران، غالبيتهم لقوا حتفهم برصاص قناصة، بحسب ما أفادت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر.
إسراء الحسن – إيران إنسايدر