صعّد اللبنانيون، مساء يوم الجمعة، من حراكهم الشعبي رفضا لتكليف حسان دياب المقرب من "الثنائي الشيعي" لتشكيل الحكومة اللبنانية.
واندلعت اشتباكات بين المتظاهرين المقربين من رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، وقوات الأمن اللبنانية، إثر احتجاجات في كورنيش المزرعة بالعاصمة بيروت.
وخرج المتظاهرون إلى ساحات لبنانية عدة معبرين عن رفضهم لتكليف دياب بتشكيل الحكومة.
وعمد أنصار الحريري إلى قطع الطرق بدءا من ظهر الجمعة، ورشق المحتجون الجيش بالحجارة والمفرقعات النارية أثناء محاولته فتح الطريق بالقوة.
ويعترض المحتجون على تسمية دياب باعتبار أنه لا يحظى بالغطاء السُني ولا يمثلهم، وكان الحريري دعا مناصريه إلى ترك الشارع والتزام الهدوء.
ويطالب المحتجون بإعادة الاستشارات النيابية وتسمية الحريري بدلا من حسان دياب الذي كُلف أمس الخميس بتشكيل الحكومة.
وفي شمال لبنان، أغلق محتجون من أنصار الحريري عددا من الطرق بالعوائق والإطارات المطاطية المشتعلة، وأغلق آخرون طرقا في سهل البقاع (شرقي لبنان)، حيث عملت وحدات الجيش اللبناني على فتح بعضها، في حين دعا الحريري أنصاره لمغادرة هذه الطرق.
مرشح حزب الله
وأثار ترشيح حزب الله وحلفائه، دياب لرئاسة الحكومة اللبنانية موجة استنكار داخلية وخارجية كبيرة، حيث وصفته العديد من الصحف الأمريكية والأوروبية بـ"مرشح حزب الله".
واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست"، أن اختيار دياب، المدعوم من حزب الله، خطوة تخاطر بإثارة اضطرابات سياسية وتنفير الحلفاء الغربيين للبلاد.
وأضافت الصحيفة أن إمكانية استمرار دياب ضعيفة، إن كان بمواجهة ردة الفعل الشعبية أو رقابة المجتمع الدولي، لافتة إلى أن تعيينه لا يتعارض فقط مع تقليد لبنان الطويل في السياسة التوافقية، بل يؤكد أن حزب الله هو بالفعل أقوى لاعب سياسي في لبنان.
واعتبرت أن عدم تأييد كتلة الأغلبية السنية للرئيس المكلف ستصعب عليه تشكيل حكومة، مشيرة إلى أن اعتبار دياب مرشحا لحزب الله سيردع المساعدات الغربية في المستقبل.
بدورها، وصفت قناة "سي إن إن" دياب بأنه "مدعوم من حزب الله"، وهو نفس الوصف الذي استخدمته صحيفة "فاينانشيال تايمز" .
فيما وصف محللون الحكومة التي سيقودها دياب بأنها ستكون حكومة مواجهة ضد غالبية الشعب اللبناني.
الإعلام الفرنسي، من جهته، وضع حسان دياب في خانة حزب الله. ووصفته صحيفة "لو موند" الفرنسية بأنه "مرشح حزب الله"، وكذلك عدد من الصحف الأوروبية.
دياب يرد
وبشأن الانتقادات التي أشارت إلى أن الحكومة القادمة ستكون تابعة لحزب الله، قال دياب "إن ذلك أمر سخيف، لأن الحكومة الجديدة ستكون وجه لبنان ولن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك". وكرر مجددا أن الحكومة القادمة ستكون حكومة اختصاصيين بامتياز.
وبشأن الفترة الزمنية اللازمة لترى حكومته النور، قال دياب إن "الحكومات السابقة في العقد الأخير استغرقت سنة لتشكيلها، وأنا أسعى لتأليف حكومة في غضون أربعة أسابيع أو في فترة لا تتجاوز ستة أسابيع".
لقاء الحريري-دياب
والتقى حسان دياب، في بيت الوسط، سعد الحريري.
وقال دياب بعد اللقاء إن الحريري قدَّم كل التعاون، مشيرا إلى أنه سيعمل على تأليف حكومة اختصاصيين ومستقلين، "وسنعمل جميعنا كفريق عمل واحد لحل الأمور".
وأوضح دياب أن "دار الفتوى هي بيت الجميع، وعند الانتهاء من الجولة سأتوجه إليها".
وبعد لقائه رئيس الحكومة السابق، سليم الحص، قال دياب "أتفهّم وجع المتظاهرين ومطالبهم ولكن عليهم أن يمهلونا فرصة وجميعنا سنكون فريق عمل واحدا، بغض النظر عن التوجهات".
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر