صوّت البرلماني الألماني، يوم الخميس، على قانون حظر أنشطة الجناح السياسي لميليشيا "حزب الله" اللبناني، وإدراجه على لائحة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية.
ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إلى صرامة أكبر في التعامل مع "حزب الله" في ألمانيا وبحث جميع الوسائل القانونية لتحقيق ذلك.
وقال ماس إن "الحزب اللبناني يتحرك في سوريا، كعميل بديل لتنفيذ الأعمال الوحشية لبشار الأسد ضد المواطنين السوريين"، كما دعا إلى استنفاد الوسائل القانونية في بلاده لمعالجة الأنشطة الإجرامية والإرهابية لـ"حزب الله".
عمل سري
وكانت كشفت صحيفة "تاغيسبيغل" الألمانية، عن الطريقة السرية التي تعمل بها ميليشيا "حزب الله" اللبناني، في ألمانيا.
وتحت عنوان "كيف يعمل حزب الله سرا في ألمانيا"، قالت الصحيفة إن حزب الله يستخدم مركزا في برلين، بالإضافة إلى مواقع أخرى تنتشر في جميع أنحاء ألمانيا، لتجنيد أعضاء وجمع أموال لشراء الأسلحة وتمويل الإرهاب.
وتناولت الصحيفة الألمانية بشكل مفصل كيفية استخدام المنظمة الإرهابية اللبنانية لألمانيا للقيام بأنشطة غير مشروعة "تدر أموالا وأرباحا" تستخدم في أغراض شراء الأسلحة وتمويل الهجمات الإرهابية".
ووفقا لما أورده تقرير "تاغيسبيغل"، يستخدم أعضاء حزب الله ألمانيا في تهريب المخدرات وتجارة السيارات المسروقة وغسل الأموال، وتوجد وثائق مؤكدة تثبت تورط حزب الله بتجارة المخدرات بألمانيا.
وأضاف التقرير أن "المسارات الرئيسية لحزب الله تنتقل حاليا من أميركا الجنوبية إلى إفريقيا، ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يتم تهريب الكوكايين إلى ألمانيا بشكل أساسي عبر موانئ روتردام وأنتويرب وهامبورغ".
تجنيد وتبرعات
وداخل العاصمة برلين، "تسمح السلطات لحزب الله أيضا بنشر الدعاية في رويترستراس، وتجنيد أعضاء جدد، فضلا عن جمع التبرعات، التي يتم تحويلها إلى بيروت في نهاية المطاف"، بحسب الصحيفة.
ويقع "مركز الإمام رضا" الإسلامي، وهو مؤسسة شيعية، في شارع رويتر في حي نيوكولن في برلين.
وكشفت وكالة الاستخبارات في برلين، في تقريرها لعام 2019، أن 250 من أعضاء حزب الله يعيشون في العاصمة الألمانية، وينشط ما مجموعه 1050 من أعضاء وأنصار حزب الله في جميع أنحاء ألمانيا.
ونقلت الصحيفة الألمانية عن الصحافيين محمد عبدي وسبستيان ليبر بصحيفة "تاغيسبيجل" أن الداعية الإسلامي تيفكول إيرول، من "مركز الإمام رضا" الإسلامي، ينشر دعاية حزب الله على منصات التواصل "تويتر" و"فيسبوك"، بما فيها رسائل تحريض من قادة حزب الله، الذين يصفهم بأنهم "المقاتلون الصحيحون" ضد الولايات المتحدة الأميركية. كما أنه قام بنشر شعار حزب الله، الذي يصور ذراعا ممسكا ببندقية هجومية كلاشينكوف طراز "إيه كى-47".
وذكرت الصحيفة الألمانية أن هناك مبنى آخر بالقرب من "مركز الإمام رضا" الإسلامي يضم مقر جمعية الإرشاد، ويتم استغلاله كمكان للصلاة والدعوة لأنصار حزب الله.
وتعتبر جمعية الإرشاد، وفقا لما ذكره مسؤولو الأمن، نقطة ساخنة لأعضاء حزب الله، حيث تم رصد زيارات لها من جانب إسلاميين مثل "قاسم ر"، الذي تعهد بالولاء لزعيم حزب الله حسن نصر الله على "فيسبوك". كما قام قاسم بنشر صور لولديه في زي عسكري، بينما كان يحمل أحدهما سلاحا ناريا.
ويشير تقرير وكالة الاستخبارات الألمانية، في هامبورغ لعام 2019، إلى أن هناك ما يقرب من 30 مسجدا ومركزا ثقافيا في ألمانيا لها صلات بحزب الله، ويجتمع فيها العملاء بانتظام و"هي جميعها قريبة من حزب الله أو إيديولوجيته".
وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" نشرت حصريا في آب/أغسطس أن مسجدا تابعا لحزب الله في مدينة مونستر الألمانية نشر مقطع فيديو مروعا على صفحته على "فيسبوك"، ويعلن فيه عن فخره بما تم تصنيفه أنشطة إرهابية وولائه لإيران والمرشد الأعلى علي خامنئي.
وقالت إن عضوا لبنانيا من مسجد الإمام مهدي زينتروم الشيعي في مونستر، أعلن "نحن ننتمي إلى حزب روح الله (الخميني). لقد اتهمنا بأننا إرهابيون، (فليكن) نحن فخورون بالإرهاب".
ومن المعروف أن النظام الإيراني يزود حزب الله بالأموال والأسلحة، ويعد حزب الله التنظيم الشيعي اللبناني هو الحليف الاستراتيجي الرئيسي لطهران في الشرق الأوسط.
كما يكشف تقرير استخباراتي من مدينة بريمن أن "مركز المصطفى المجتمعي" في شمال ألمانيا يعد مركزا رئيسيا لجمع الأموال لصالح حزب الله، الذي تم حظر جناحه العسكري من قبل ألمانيا والاتحاد الأوروبي في عام 2013.
ولكن لم تتخذ الحكومة الألمانية حتى الآن خطوات للاستجابة إلى المناشدات بتجريم ما يسمى الجناح السياسي لحزب الله في ألمانيا.
قال موقع "شبيغل أونلاين"، إن الحكومة الألمانية تعتزم حظر أنشطة ميليشيا "حزب الله" اللبناني.
وأضاف الموقع الألماني، يوم الخميس، نقلا عن مصادر داخل الحكومة الاتحادية، أن الخارجية الألمانية اتفقت على ذلك الأسبوع الماضي، مع كل من وزارتي الداخلية والعدل.
وأكد موقع "شبيغل أونلاين" أنه من المحتمل أن يصدر قرار ساري المفعول بهذا الشأن، خلال مؤتمر وزراء داخلية الولايات ووزارة الداخلية الاتحادية، المقرر عقده الأسبوع المقبل.
وحسب مصادر "شبيغل أونلاين"، فإن القرار سيساوي فورا أنشطة الحزب وأعضائه في ألمانيا بأنشطة حزب العمال الكردستاني و تنظيم داعش
حظر الحزب في ألمانيا
وناقش البرلمان الألماني (بوندستاغ) بتاريخ السادس من شهر حزيران 2019 للمرة الأولى طلبا تقدمت به كتلة "حزب البديل لأجل ألمانيا" لفرض حظر على "حزب الله" اللبناني، وأحيل الطلب حينها إلى لجنة الشؤون الداخلية والوطنية في البرلمان لمزيد من النقاش وإبداء الرأي.
وحث وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو نهاية شهر أيار 2019 ألمانيا، لتحذو حذو بريطانيا وتحظر جماعة "حزب الله" اللبنانية.
وحسب وزارة الداخلية الألمانية؛ وضعت الجمعية ونشاطاتها تحت المراقبة منذ عام 2009، وقالت إنها جمعت تبرعات بين عامي 2007 و2013 حيث قدرت بـ 3,3 مليون يورو وأرسلتها لمؤسسة "شهيد" في لبنان.
وفي السادس والعشرين من شهر شباط 2019 حظرت الحكومة البريطانية ميليشيا "حزب الله" في المملكة المتحدة، وصنفته ضمن المنظمات الإرهابية، وقال وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد في بيان؛ إن "حزب الله مستمر في محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط، ولم نعد قادرين على التفريق بين جناحه العسكري المحظور بالفعل وبين الحزب السياسي، لذلك، اتخذت قرار حظر المجموعة بأكملها".
لوائح الإرهاب
في العام 1997 صنفت الولايات المتحدة الامريكية حزب الله جماعة إرهابية بجانحيه السياسي والعسكري، وفي العام 2001 صنفت بريطانية وحدة الأمن الخارجي التابعة لـ "حزب الله" منظمة إرهابية، وفي العام 2008 صنفت الجناح العسكري للحزب منظمة إرهابية، وفي العام 2013 صنف الاتحاد الأوربي الجناح العسكري لـ "حزب الله" منظمة إرهابية، وفي العام 2016 صنفت دول مجلس التعاون الخليجي "حزب الله" منظمة إرهابية بكافة قادته وكتائبه، وفي ذات العام أقر وزراء الداخلية العرب بأن "حزب الله" منظمة إرهابية في بيانهم الختامي لاجتماعهم الذي عقد في تونس، وفي العام 2019 صنفت بريطانيا "حزب الله" بكافة منظوماته منظمة إرهابية، وكانت الأرجنتين آخر الدول التي صنفت "حزب الله" منظمة إرهابية في العام 2019.
يشار إلى أن "حزب الله" هو حزب شيعي تأسس في لبنان عام 1982م، ودخل معترك السياسة في العام 1985م، وولد من رحم حركة أمل الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران، ويقوم على مبدأ ولاية الفقيه، يشارك في الحياة السياسية في لبنان ويمثّله مجموعة من النواب في البرلمان النيابي، ووزراء في المجلس الوزاري، وبات له مؤسساته الاجتماعية والثقافية والتربوية والصحيّة والإعلامية، وبات يهيمن على الدولة اللبنانية بفضل القوة العسكرية التي يمتلكها وبتوجيه من إيران.
ماذا يعني القرار؟
ويعني القرار الألماني حظر كافة نشاطات الحزب، الذي تصنفه دول عدة منظمة إرهابية، على الأراضي الألمانية.
وحسب دير شبيغل، منحت وزارة العدل الألمانية المدعي العام الضوء الأخضر للتحقيق في نشاطات حزب الله في ألمانيا.
وكان تقرير لوكالة استخبارات ألمانية أفاد بارتفاع وتيرة أنشطة الحزب في ألمانيا، وذكر أن مدينة هامبورغ تضم نحو 30 مسجدا ومركزا ثقافيا على صلة بالحزب.
محمد إسماعيل - إيران إنسايدر