تواصل إيران عمليات التغيير الديموغرافي، التي تستهدف مناطق بعينها بهدف تغيير بنيتها السكانية، عبر توطين عائلات تابعة لميليشياتها فيها، ووضع السكان المحليين إما بيع عقارهم بثمن بخس أو التنكيل والتهجير والمصادرة.
وبدأت طهران بتسهيل واسع من النظام السوري ممارسة أساليب متنوعة في إطار "عقاب المعارضين"، لتصب في النهاية في خانة "التغيير الديمغرافي"، طمعا بتحقيق معادلة "المجتمع المتجانس" التي تحدث عنها بشار الأسد، في أحد خطاباته.
ويعتقد نشطاء، أنّ خيار عودة المعارضين إلى منازلهم بات شبه مستحيل في ظل الوضع القائم، ما أجبر البعض على بيع عقاراتهم وإن بثمن زهيد.
حجيرة محرّمة
واستغل مقاتلون من ميليشيا بلدتي "كفريا والفوعة" (ريف إدلب) الموالين لإيران، حالة التضييق التي تفرضها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام على أبناء الريف الجنوبي لدمشق بالتغول وشراء المنازل هناك.
وتركزت في الآونة الأخيرة علميات الشراء ضمن بلدة "حجيرة" قرب السيدة زينب بريف دمشق الجنوبي، على خلفية القرارات المجحفة التي أصدرتها المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري، ومنعت بموجبها عودة الأهالي الأصليين إلى منازلهم، إلا بموافقة أمنية وشروط أخرى في سلسلة التضييق والابتزاز الممنهج التي تمارسها بحق المدنيين.
وتتم عملية شراء المنازل، باستخدام أسلوب "العصار والجزرة"، إﻻ أنّ الهدف بات واضحا بإجماع نشطاء معارضين، وحقوقيين في دمشق وريفها، والذي تمثل؛ بعملية "التغيير الديمغرافي" للمنطقة.
وتلخص عبارة "شراء بالعنف" آلية السيطرة على تلك اﻷحياء من طرف تلك الميليشيات الإيرانية التي بات واضحا محاولة النظام السوري استمالتها واستيعابها.
وتحت وطأة التهديد من استملاك تلك المنازل من قبل النظام أو إصدار قرار الحجز عليها، خاصة تلك التي تعود لمقاتلي المعارضة وعوائلهم الذين هُجروا قسرا نحو شمال سوريا (إدلب وريف حلب)، تبدأ المساومة للشراء وفق مصادر محلية.
وسطاء محليون
وتتم عمليات الشراء في بلدة حجيرة وبلدات في جنوب دمشق عن طريق وسطاء محليين وبتنسيق من النظام السوري، إذ يتم نقل ملكية العقار بسهولة كبيرة.
ولا تتم عمليات الشراء على حساب الأهالي المهجرين في دمشق وريفها، فحسب، بل تتم أيضا على حساب مهجّرين في شمال سوريا، أو خارج البلد، من المطلوبين للأفرع الأمنية.
ويذكر أنّ الميليشيات الإيرانية سيطرت على بلدة حجيرة في تشرين الثاني 2013، عقب انسحاب فصائل المعارضة منها باتجاه بلدة يلدا، إثر تقدم الميليشيات على كافة المحاور بعد أيام من المعارك الدامية.
التوطين في حلب
تؤكد مصادر محلية أنّ ميليشيات "لواء الباقر" و"أبو الفضل العباس" و"فيلق المدافعين عن حلب"، وطنت عشرات العائلات خلال الأيام الماضية، من أهالي بلدتي كفريا والفوعة، وذلك في أحياء السكري والفردوس والميسّر في الشطر الشرقي من مدينة حلب (شمال سوريا).
وأجبر النظام وحلفاؤه قرابة 35 ألفا من سكان حلب الشرقية على مغادرتها، في أواخر العام 2016، بعد حصار طويل وقصف شبه يومي.
وتلقت تلك العائلات التي استوطنت أحياء حلب الشرقية دعما واسعا من "إيران"، وسط غياب تام لمؤسسات النظام.
يشار إلى أنّ خروج الميليشيات من بلدتي "كفريا والفوعة" والمدنيين كذلك، أتى على دفعات ضمن اتفاق، "المدن الأربع" بين عامي 2016 و 2018، والذي عُقد بين فصائل المعارضة السورية من جهة، وبين إيران من طرف آخر، برعاية قطرية مباشرة.
وقضت الاتفاقية بتهجير سكان من بلدات ريف دمشق مقابل خروج أهالي كفريا والفوعة، اللتين كانتا محاصرتين في ريف إدلب. ويبلغ عدد سكان بلدتي كفريا والفوعة قرابة 40 ألف نسمة.
وبالنتيجة ودون رقيب أو حسيب، تسير خطوات إيران بـ"التغيير الديمغرافي" فوق الأرض السورية، وسط صمت دولي وتحذيرات خجولة في أحسن الأحوال.
المصدر: إيران إنسايدر + بلدي نيوز + اقتصاد