العراق ينتفض بمليونية الجمعة.. وإيران تواصل حملات تخوين الثورة

يواصل العراقيون الخروج بمظاهرات واعتصامات مفتوحة لليوم الثامن على التوالي، مطالبين برحيل النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية وإسقاط الحكومة ومحاسبة الفاسدين. 

وأظهرت لقطات من قلب ساحة التحرير بوسط العاصمة العراقية بغداد توافد الآلاف من كل المناطق للانضمام إلى التظاهرة المليونية التي دعا إليها العراقيون للتأكيد على مطالبهم الـ 20.

ونفذ الآلاف اعتصامات مفتوحة في جميع المحافظات الجنوبية العراقية، وأغلق عدد من المتظاهرين، يوم الجمعة، حقل البزركان النفطي في محافظة ميسان، ومنعوا العاملين من الوصول إليه، وفق مواقع محلية.

وأغلق معتصمون بوابة ميناء أم قصر في البصرة ووقفوا أمامها، مؤكدين استمرارهم بالاعتصام والتظاهر لحين تحقيق المطالب الشعبية.

وفي السياق، انسحبت قوات مكافحة الإرهاب من شوارع العاصمة بغداد لعدم الحاجة إلى انتشار وعدم وجود أي تهديديات أمنية.

تخوين الثورة

وفي الوقت الذي يصر الشعب على تحقيق مطالبهم، بدأت حكومة عادل عبد المهدي تقدم مبادرات عدة في محاولة للالتفاف على مطالب العراقيين وسرقة ثورتهم، وتعمل على تخوينهم تارة أخرى من خلال بث إشاعات تقف خلفها إيران.

وزعم خطيب الجمعة في طهران محمد علي كرماني، أن هناك بعض الجماعات التي وصفها بـ"المنحرفة" التابعة لبريطانيا تغلغلت بين صفوف المتظاهرين في العراق، مستعينا بذات الخطاب الذي يزعم أن مؤامرة كونية تقف وراءها أمريكا وبريطانيا هي التي أخرجت تلك الحشود إلى شوارع وساحات العراق.

التدخلات الإيرانية من خلال سفارتها وميليشياتها ورجالاتها، أجبرت النشطاء العراقيين على إطلاق هاشتاغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "#خليها_تخيس"؛ لمقاطعة البضائع الإيرانية واحتجاجا على تدخل إيران ضد إرادة العراقيين وتورطها مع ميليشياتها في قتل المتظاهرين.

تهديد ووعيد

وعادت ميليشيات عصائب أهل الحق، المدعومة من إيران إلى لغة التهديد والوعيد من جديد، وهذه المرة عن طريق أحد المنتمين لها، الذي ظهر في فيديو انتشر بشكل واسع الخميس مهددا المتظاهرين السلميين بالانتقام لمقتل القيادي في العصائب وسام العلياوي وشقيقه جنوب العراق خلال الاحتجاجات التي انطلقت هناك قبل أيام.

وتوعد العنصر المنتمي للعصائب المتظاهرين، قائلا إن "جسر الجمهورية سيتحول إلى جسر من الدم"، في إشارة إلى الجسر الذي تجمع عليه مرارا المتظاهرين بغية عبوره واقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، والتي تحتوي على المجمع الحكومي ومنها رئاسة الوزراء.

وقال "يا أيها المندسون الذين غدروا بأبناء الشيخ قيس الخزعلي أخوة زينب الصادقين، والله العظيم جسر الجمهورية سيكون جسر الدم أمام المندسين وأمام المتظاهرين ثأرا لشهداء عصائب الحق".

يذكر أن مسؤول مكتب ميليشيات عصائب أهل الحق في محافظة ميسان وسام العلياوي، وشقيقه قتلا أثناء محاولتهما حماية مقر العصائب في محافظة ميسان قبل أيام.

استعداد للاستقالة بشرط

وكشف الرئيس العراقي برهم صالح، يوم الخميس 31 تشرين الأول/أكتوبر، إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وافق على تقديم استقالته ولكن شرط تجنب أي فراغ دستوري.

وأضاف صالح في مؤتمر صحفي، بعد لقاء مع رؤساء عدة كتل برلمانية عراقية "رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أبدى موافقته على تقديم استقالته طالبا من الكتل السياسية التفاهم على بديل مقبول وذلك في ظل الالتزام بالسياقات الدستورية والقانونية وبما يمنع حدوث فراغ دستوري".

في سياق متصل، تعهد صالح بإجراء انتخابات مبكرة بعد تشريع قانون انتخابي "جديد مقنع للشعب" واستبدال مفوضية الانتخابات بمفوضية مستقلة "حقا".

وأضاف "نعمل في الرئاسة على قانون انتخاب جديد أكثر عدالة وشمولية.. الأسبوع المقبل سنقدم مسودة مشروع قانون الانتخاب الجديد في العراق".

وعن المظاهرات التي يشهدها العراق منذ فترة، قال صالح "أقف مع المتظاهرين ومطالبهم الشرعية"، مشددا على ضرورة أن توقف القوات الأمنية "المندسين الذي يخرجون التظاهرات عن سلميتها".

واعتبر صالح أن "القمع مرفوض للتظاهرات التي تجري في العراق.. قمع التظاهرات مرفوض والخيار الأمني لن يكون حلا".

وتابع "المطلوب هو محاسبة المتورطين في قمع المتظاهرين".

وأكد أن "ما حدث خلال الاحتجاجات يؤكد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة"، مشددا على أن "دعم القوات الأمنية مسؤوليتنا جميعا".

في سياق آخر، أكد صالح أنه تم إحالة ملفات فساد للقضاء للبت فيها، مضيفا "أنا معكم لمكافحة الفساد وضد أي قمع واعتداء".

واعتبر أن "الوضع القائم غير قابل للاستمرار ونحن بحاجة لإصلاحات عاجلة".

وكان صالح اجتمع اليوم مع رؤساء الكتل السياسية لمناقشة آخر التطورات على الساحة العراقية.

وحضر الاجتماع 10 شخصيات من بينهم هادي العامري ومحمد الحلبوسي وفالح الفياض ونوري المالكي ورشيد العزاوي.

وخرج المجتمعون بقرارات عدة، أهمها إجراء "التعديلات الدستورية اللازمة" وتعديل قانون الانتخابات، إضافة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وطالب المجتمعون بتقديم "إصلاحات عاجلة يلمسها المواطن"، إضافة إلى "حماية المتظاهرين والتعامل السلمي معهم ومحاسبة المخربين".

مظاهرات شعبية

وشهد العراق احتجاجات شعبية عنيفة بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.

ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لإقالة الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات.

وقالت مصادر طبية لمراسل إيران إنسايدر، إن أكثر 149 متظاهرا قتلوا، وأصيب 6000 آخرين، في الموجة الأولى من الاحتجاجات، وأضافت أن أكثر من 110 متظاهرين قتلوا وأصيب أكثر من 3000 في الموجة الثانية من الاحتجاجات.

وأضافت أن غالبية القتلى لقوا حتفهم برصاص قناصة.

ويتهم نشطاء عراقيون، قناصة إيرانيين بقتل المتظاهرين السلميين، وقال النائب في البرلمان العراقي أحمد الجبوري، إن هناك غرفة عمليات يقودها مساعد قاسم سليماني، ويدعى "حاج حامد"، ويتبعه القناصون الذين يستهدفون المتظاهرين، ويأتمرون بأمره بهدف قتل المحتجين السلميين.

إسراء الحسن - إيران إنسايدر

مقالات متعلقة

الجمعة, 1 نوفمبر - 2019