العراق ولبنان.. وجهان لثورة واحدة بوجه تدخلات إيران

خرج العراقيون واللبنانيون بمظاهرات شعبية عارمة، طالبت بإسقاط النظام القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ومحاسبة الطبقة الحاكمة التي عاثت فسادا وتخريبا وسرقة على مدار عقدين من الزمن وتتبع لإيران وتعمل على رعاية مصالحها على حساب الشعوب التي وصلت لمرحلة اليأس بعد أن اجتاح الفقر والبطالة شريحة الشباب التي تشكل الفئة الأوسع في هذه المجتمعات. 

وبدأت شرارة المظاهرات في لبنان، يوم الأحد بتاريخ 29 أيلول/سبتمبر، واستمرت ليوم واحد، عندما خرج المئات في العاصمة بيروت بمظاهرة احتجاجا على تدهور الوضع المعيشي والأوضاع الاقتصادية، بعد تراجع قيمة الليرة اللبنانية للمرة الأولى منذ ما يزيد عن عقدين.

"حزب سبعة" وهو مجموعة من الناشطين المدنيين، دعا المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة الشهداء للتوجه نحو السراي، ورفع المحتجون شعارات تندد بالفساد والإهمال.

وهاجم بعض المحتجين ساسة لبنان وأنحوا عليهم باللائمة في الفساد المستشري في البلد، وذهب آخرون إلى المطالبة بإسقاط "الحكومة الفاشلة" وهتفوا "الشعب يريد إسقاط النظام"، فيما نادى آخرون بوضع جميع المسؤولين الحاليين في الإقامة الجبرية.

ويعاني لبنان من ديون من بين الأعلى في العالم، حيث بلغت 68 مليار دولار أو ما يزيد على 150% من إجمالي الناتج المحلي.

ما إن هدأت وتيرة الاحتجاجات في لبنان، حتى بدأت احتجاجات واسعة في العاصمة العراقية بغداد، وطالب المتظاهرون بإجراء إصلاحات، ومحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل، وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الخلافات السياسية والمزايدات، ورفعوا صورة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي اعتراضا على الإطاحة به من جهاز مكافحة الإرهاب بأوامر إيرانية.

تواصلت المظاهرات على مدار ثمانية أيام، وشملت كافة المحافظات العراقية في الجنوب، وقابلتها ميليشيات تابعة لإيران بالرصاص الحي وقنص المتظاهرين، قبل أن يتم تعليق الاحتجاجات حتى 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بسبب أربعينية الحسين.

وبعد أيام من تعليق المظاهرات في العراق التي قتل فيها 138 مدنيا وجرح أكثر من 6000، عادت المظاهرات إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وخرج الآلاف بمظاهرات سرعان ما توسعت لتشمل عدة مدن وبلدات في أرجاء لبنان احتجاجا على الضرائب والأوضاع المعيشية، وتنديدا بقرار مجلس الوزراء المتعلق بفرض رسوم ضريبية جديدة. وتحولت الاحتجاجات إلى مواجهات في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، وهتفت "الشعب يريد إسقاط النظام".

وتتواصل المظاهرات في لبنان، وتصر على تحقيق مطالبها بإسقاط كل التيارات السياسية الحاكمة والمتورطة بقضايا فساد، ويبدو أنها اقتربت من تحقيق مطالبها بعد استقالة وزراء حزب القوات اللبنانية من الحكومة الذي يرأسه سمير جعجع.

وتقول مصادر إن فئة واسعة من البيئة الحاضنة لميليشيا "حزب الله" وحركة أمل المقربتين من إيران، تشارك بقوة في هذا الحراك الشعبي في كل من صور والنبطية والهرمل وبعلبك والضاحية الجنوبية، فيما يبدو رسالة لميليشيا الحزب وحركة أمل أن قبضتهم الحديدية على الطائفة الشيعية بدأت تتفكك كسائر الشعب اللبناني الذي خرج بمظاهرات ضد الفساد.

العداء لإيران

ولا يحفى طابع العداء لإيران في المظاهرات التي عمت مناطق عدة في العاصمة العراقية بغداد، بعد إطاحة الأذرع التابعة لطهران باللواء الركن عبد الوهاب الساعدي، كما لا يخفى العداء ذاته في مظاهرات لبنان، والتي طالبت بإسقاط الحكومة اللبنانية التي تهيمن عليها ميليشيا "حزب الله" والتيار الوطني الحر، وتشير بوضوح إلى تململ الشارع من السياسة الحالية للحكومة اللبنانية تجاه النظامين السوري والإيراني عبر ميليشيا "حزب الله"، التي تسببت بفرض عقوبات أمريكية على لبنان المثقل بالديون الخارجية.

وحرق المتظاهرون في العراق صور المرشد الإيراني علي خامنئي وهتفوا "بغداد حرة حرة إيران تطلع برة"، وفي لبنان أحرق المتظاهرون صور حسن نصرالله زعيم ميليشيا حزب الله ونبيه بري زعيم حركة أمل، وميشيل عون زعيم التيار الوطني الحر، وجميعهم من أنصار إيران في لبنان.

وفي الوقت الذي يواصل فيه اللبنانيون حراكهم، يتجهز الشارع العراقي لموجة مظاهرات جديدة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وأكدت تنسيقية المظاهرات في العراق، أن الحراك مستمر للخروج في أكبر مظاهرات سلمية سيشهدها العالم، في 25 أكتوبر.

وقالت التنسيقية إن "موعد المظاهرات قائم كما هو في 25 الشهر الجاري، وأن على العراقيين أن يثبتوا للعالم أن الانتفاضة باقية، وأن كل محاولات عرقلتها فقط لأنها تهدد الطبقات السياسية والحكومة دون استثناء.

لا قائد للمظاهرات

وما ميز الحراكين في العراق ولبنان، هو حراك شعبي صرف، ولا يقف أي حزب سياسي أو حركة خلفه، ووحدتها المطالب المعيشية والاقتصادية والسياسية والحياتية ضد طبقة فاسدة، كما وحدتها الشعارات الوطنية وهتفت "الشعب يريد إسقاط النظام".

أسباب التظاهر

ويعيش اللبنانيون هاجس الانهيار، ويشعرون بأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.

وبدأت الأزمات المتلاحقة مؤخرا من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.

وفي العراق، دفعت أسباب عديدة الشباب إلى الخروج للشوارع من أجل التظاهر، لعل من أبرزها البطالة التي تطال شابا من بين أربعة، بالإضافة إلى تدني جودة قطاع الخدمات العمومية. ويعبر الحراك، عن انزعاج العراقيين في دولة تعاني من نقص حاد في مياه الشرب والكهرباء، رغم أنها خامس أكبر دولة في العالم من حيث احتياطي النفط. وفقا للأرقام الرسمية، وقع اختلاس ما يعادل 410 مليارات يورو من الأموال العامة في غضون 15 عاما.

أيمن محمد – إيران إنسايدر

مقالات متعلقة