كشفت مصادر عن نية واشنطن التوجه إلى الاعتماد على أبناء محافظة ديرالزور العرب للمحافظة على مكتسبات واشنطن في المنطقة ومواجهة أي تمدد لإيران ونظام الأسد وروسيا في المنطقة.
وقالت المصادر "إن طموح الأمريكيين كان أن تبقى منطقة شرق الفرات كاملة في دائرة نفوذهم لمواجهة النفوذ الإيراني، لكنهم الآن، أقلّه أعضاء "فريق تركيا" في الإدارة الأميركية مقتنعون أن الأكراد السوريين "الوحدات الكردية" ليسوا حليفا من الممكن الاعتماد عليه، فهم فتحوا الباب سريعا أمام النظام السوري وروسيا ثم إنهم لم يوافقوا يوما على مواجهة إيران".
وأضافت أنه "ومنذ أشهر، شعر أعداء إيران في الإدارة الأميركية بخيبة من تقاعس الأكراد وبدأوا البحث عن بدائل، ومنها العمل مباشرة مع أهالي دير الزور الذين حافظوا على حضورهم في المدينة ومنطقتها منذ بدأت الثورة ضد نظام الأسد ثم في ظل "داعش" والآن بعد داعش".
ونوهت أن منطقة دير الزور ومقابلها منطقة "التنف" تشكل نوعا من كماشة أو عنق زجاجة، يستطيع الأمريكيون استعمالها للتضييق على إيران وميليشياتها، وأدركوا الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة منذ سنوات، وعملوا على الوصول إليها، لكنهم فشلوا في قطع الطريق السريع"، في إشارة إلى طريق دمشق بغداد الدولي الذي افتتح مؤخرا عبر معبر البوكمال-القائم الواقع تحت سيطرة ميليشيات تدعمها إيران على الجانبين السوري والعراقي.
ووزّع الأميركيون السيطرة على المنطقة، فانتشروا شرق نهر الفرات، أي في ريف دير الزور وجزء صغير من المدينة، فيما انتشر النظام السوري غرب النهر أي في مجمل المدينة.
ولا ينظر الأميركيون بارتياح لوجود الإيرانيين وميليشيات حزب الله في هذه المنطقة، كما يعترض الإسرائيليون بشدة على أن طهران تنشر في هذا القاطع من مدينة دير الزور "قدرات عسكرية" تعتبرها تهديدا لأمنها.
من جهتهم، يرى خبراء الأمن في هذا الانتشار خطرا، كما يرون في منطقة دير الزور خط تماس أو متراس المواجهة الأول ضد إيران وحلفائها.
وأكدت معلومات خاصة بـ"العربية نت" أن ضباط العمليات الخاصة الأمريكيين، بالتعاون مع دبلوماسيين من وزارة الخارجية وممثلين لدول عربية، أجروا اتصالات بأهالي هذه المنطقة منذ أشهر، وكان هدفهم العمل على بناء منظومة "قسد 2 عربية".
معلومات إضافية أشارت إلى أن ممثلين لأهالي دير الزور كانوا ينتظرون سقوط "داعش" منذ سنوات، ويكرهون فكرة عودة النظام إلى هذه المنطقة، وبادروا إلى العمل مع الحلفاء الإقليميين والأمريكيين لضمان دعم لحكم محلي يساعد أهالي دير الزور على الاهتمام بشؤونهم و"مقاومة" عودة النظام.
والآن تبدو فكرة اللجوء إلى هذا التحالف لصد إيران وكأن لها مصداقية أكبر، فدير الزور كانت منذ سنوات هدفا للأمريكيين وهم يريدون أيضا حرمان النظام السوري من حقول النفط وأغلبها شرق النهر حيث ينتشر الحلفاء المحتملون.
ومن اللافت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار إلى أهمية هذه المنطقة عندما قال في تغريدة الجمعة إن الولايات المتحدة "أمّنت" حقول النفط.
استثناء ديرالزور
وكشف ضباط أمريكيون عن نية بلادهم البقاء في محافظة ديرالزور الغنية بالنفط، مشددين على أن قرار الانسحاب الذي أصدره الرئيس ترامب لا يشمل ديرالزور.
وتتخذ القوات الأمريكية من حقل العمر النفطي بديرالزور مقرا لها، كما تنتشر في حقلي الكونيكو، والتنك، وغيرها من القواعد العسكرية الأمريكية في تلك المنطقة.
وتعتبر ديرالزور خط تماس مباشر مع الميليشيات الإيرانية، التي تنتشر في مدينتي البوكمال والميادين على الحدود السورية-العراقية.
وقالت مصادر مطلعة لإيران إنسايدر إن واشنطن تتجه لدعم مجلس ديرالزور العسكري واستبعاد قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها الوحدات الكردية من المحافظة، بعد تقاعسها عن مواجهة إيران والارتماء في حضن النظام وروسيا وتتخوف واشنطن من تفاهمات بين الوحدات الكردية وإيران في المنطقة.
وأضافت أن الدعم سيزيد للقوات التابعة للجيش السوري الحر في قاعدة التنف، بهدف بقاء الطريق الدولي الذي يربط طهران بدمشق تحت أعين واشنطن.
مظاهرات رافضة
وتظاهر أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في دير الزور ضد النظام، ورفضا لتسليم مناطقهم إلى قوات النظام، بعد عقد "قسد" والنظام لاتفاق مؤخرا يسمح بعبور الأخير إلى شرق الفرات، مقابل تسليم "قسد" كافة مناطق سيطرتها للنظام.
وقالت مصادر إعلامية من دير الزور، إن المظاهرات خرجت بقرى (جديد بقارة، وجديد عكيدات، والصبحة، والدحلة، والحصان، وسفيرة)، ونقاط أخرى بالمحافظة، في الأثناء سيرت قوات التحالف الدولي دورية بقرية (جديد عكيدات).
وطالب المتظاهرون، قوات التحالف الدولي والمجتمع الدولي بعدم السماح لقوات النظام بالتقدم إلى مناطقهم شرقي الفرات، وهددوا بحمل السلاح لمواجهة أي محاولة تقدم لنظام الأسد.
كما اعتبر المتظاهرون من خلال اللافتات التي حملوها أن أي طرف يفاوض النظام خائن، مشددين على أن دير الزور ليست سلعة يتم التفاوض عليها.
وتوصلت قوات "قسد" إلى اتفاق مع النظام السوري يقضي بنشر قواته في مناطق سيطرتها شرقي الفرات، لمواجهة العملية التركية المشتركة مع الجيش الوطني ضدها في المنطقة، وبدأ النظام بالفعل بإرسال قوات إلى بعض هذه المناطق.
احتجاجات سابقة
وخرج مئات المدنيين من عدة مناطق في ريف ديرالزور، في مظاهرة حملت عنوان (جمعة التحرير)، للمطالبة بانسحاب قوات الأسد والميليشيات الإيرانية من القرى والبلدات التي تسيطر عليها شرق الفرات "خشام وحطلة ومراط والحسينية والصالحية".
وبحسب مصادر محلية؛ فإن المتظاهرين انطلقوا من منطقة المعامل باتجاه حواجز قوات النظام في بلدة الصالحية، وتمكن عدد من المتظاهرين من السيطرة على حاجز كازية الصقر عند مدخل بلدة الصالحية الشمالي من جهة المعامل، بعد انسحاب قوات النظام منها.
وأشارت إلى أن المتظاهرين تمكنوا من اعتقال عناصر من قوات النظام بينهم ضابط برتبة عميد، بعد تطويقهم في حاجز كازية صقر، ومن جانبها اعتقلت قوات النظام عددا من المتظاهرين الذين اقتربوا من الحاجز الثاني في بلدة الصالحية.
ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها "الموت لإيران" و"سوريا حرة إيران تطلع برا" و"من يساعدنا على التخلص من الاحتلال الإيراني هو صديقنا".
تغلغل إيراني
وعززت إيران انتشارها العسكري والثقافي والاجتماعي في محافظة ديرالزور (مدينة ديرالزور، والميادين، والبوكمال) شرق سوريا، في ظل غياب تام للنظام السوري وقواته، وتعتمد طهران على ست ميليشيات أجنبية لبسط سيطرتها الكاملة على العقدة الأهم في طريقها البري من العراق تجاه سواحل المتوسط في سوريا ولبنان.
ويقود "سلمان الإيراني" الميليشيات التابعة لإيران في مناطق شرق سوريا، ويتخذ من قرية تقع قبالة قرية الباغوز بريف ديرالزور كمقر رئيسي له، وينتشر أكثر من 150 مسلحا من ميليشيا "فاطميون" الأفغانية لحماية المقر.
وتتمركز الميليشيات التابعة لإيران في البوكمال والميادين، وتنتشر ميليشيا "حزب الله" اللبنانية إضافة لـ"كتائب حركة النجباء" العراقية، وميليشيات "زينبيون" الباكستانية و"فاطميون" الأفغانية، و"لواء الإمام الحُجّة" التابع للحرس الثوري الإيراني، وكتائب ميليشيا "حزب الله" العراق على الحدود السورية العراقية.
وترسل إيران السلاح لميليشياتها شرق سوريا، من مدينة القائم العراقية، وتسلمها للقيادي "سلمان الفارسي".
وتنشر إيران التشيع في دير الزور وخاصة في مناطق الريف (الغربي والشرقي) مستغلة الفقر المنتشر فيها، والتهميش الكبير الذي تعانيه، خاصة المناطق التي سيطر عليها النظام السوري مؤخرا.
عبدالرحمن عمر – إيران إنسايدر