هل تؤجل الانتخابات البرلمانية في العراق بعد اتساع رقعة الانسحابات؟

يأتي انسحاب المنبر العراقي، بعد انسحاب كل من التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وحزب التجمع الجمهوري العراقي والتشرينيون وجبهة الحوار الوطني
يأتي انسحاب المنبر العراقي، بعد انسحاب كل من التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وحزب التجمع الجمهوري العراقي والتشرينيون وجبهة الحوار الوطني

 أعلن المنبر العراقي الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، انسحابه من الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في العاشر من شهر أكتوبر المقبل.

وقال وائل عبداللطيف نائب رئيس المنبر العراقي خلال مؤتمر صحافي، عقده الأربعاء في بغداد، إن المنبر "يعلن موقفه الصادق والصريح بالانسحاب ومقاطعة الانتخابات".

وبرّر المنبر المنضوي تحت "الجبهة الوطنية" انسحابه من الانتخابات بتوقعه "تضاؤل وتناقص نسب المشاركة الجماهيرية فيها، ولهذا سوف تنتج العملية دورة برلمانية غير كفؤة لتحمل الأعباء العظيمة وستتمخض عنها حكومة ضعيفة ومستضعفة مقرونة بالفساد والتزوير".

ودعا المنبر الأطراف والكتل والأحزاب السياسية كافة بما فيها الجبهة الوطنية "موج" إلى اتخاذ نفس الموقف بمقاطعة الانتخابات.

ويأتي انسحاب المنبر العراقي، بعد انسحاب كل من التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وحزب التجمع الجمهوري العراقي والتشرينيون وجبهة الحوار الوطني. 

وفي السياق، قالت "جبهة الحوار الوطني" التي يتزعمها صالح المطلك، في بيان صحافي الأربعاء، إنها قرّرت عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وعدم تقديم أي مرشح في أي دائرة انتخابية بناء على القناعة الراسخة بأن انتخابات عام 2018 كانت أسوأ انتخابات حيث شهدت أدنى نسبة مشاركة وأعلى نسبة تزوير.

وأشارت إلى أن ما أفرزته تلك الانتخابات من نتائج لا تمثل إرادة الشعب العراقي مما ساهم في المزيد من التدهور السياسي والفشل في إعادة بناء مؤسسات الدول.

وأوضحت أن هناك حقيقة بات يدركها الشعب العراقي تتمثل في أن الوضع السيء الذي وصل إليه البلد وعدم توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات المبكرة وانتشار السلاح المنفلت كلها عوامل تؤكد عدم حصول تغيير واضح، ونظرا لوجود هذه القناعة قرّرت الجبهة عدم المشاركة في هذه الانتخابات.

وأكدت الجبهة موقفها من عدم إمكانية إجراء انتخابات نزيهة دون إنهاء عوامل التزوير المتمثل بالسلاح المنفلت والمال السياسي.

ويطرح الانسحاب المتتالي للأحزاب العراقية من الانتخابات التشريعية المبكرة أسئلة عمّا إذا كان إجراء الاقتراع سيتم في موعده المفترض في 10 أكتوبر المقبل أم أنه سيرحّل إلى أبريل من العام 2022.

ويرى مراقبون ومحللون أن مسألة موعد الانتخابات يلفّها الغموض مثل بقية القضايا العراقية التي لا تتسم عادة بالوضوح والشفافية، رغم تأكيدات رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي بأن الانتخابات ستجري في موعدها.  

وتأتي الانتخابات التشريعية المبكرة، استجابة مطالب احتجاجية واسعة اجتاحت أغلب مدن العراق في أواخر عام 2019، سقط جراءها أكثر من 600 شخص وأصيب الآلاف الآخرون.

وكانت أنباء تحدثت عن تراجع التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن الانسحاب وعودته إلى حلبة الانتخابات وتحديد شروطها للمشاركة، لكن النائب رياض المسعودي عن كتلة سائرون التابعة للتيار الصدري، قال إن "تلك الأنباء عارية عن الصحة".

وأضاف المسعودي أن "قرار الصدر جاء على خلفية تزايد الفساد في مفاصل الحكومة وتقاعس الحكومة بشأن العديد من الملفات المهمة التي تمس المواطن العراقي"، مشيرا إلى أن "انسحاب التيار الصدري من الانتخابات ستكون له تأثيرات كبيرة على عملية الاقتراع".

وبالرغم من ذلك فقد أكد المسعودي أن عدم العودة عن قرار الانسحاب ليس نهائيا بحسب تصريحات صحافية أدلى بها. وأوضح أن "العودة مرهونة بإجراء تعديلات وتغييرات مهمة في العملية السياسية الحالية بهدف الحد من الفساد وتوزيع المناصب على أساس طائفي"، دون أن يستبعد أن يكون "تأجيل الانتخابات النيابية إلى موعد جديد بأنه أمر مناط بالمفوضية العليا للانتخابات"، مبيّنا أن "الدستور لم يحدد ضوابط في حال عدم إجراء الانتخابات النيابية بعد تحديدها من قبل الجهات المعنية".

ويرى محمد إحسان الكاتب والباحث في الشأن العراقي أن "تأجيل موعد الانتخابات وارد، ليس بسبب انسحاب التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي فحسب، بل لأن الأوضاع الراهنة ورأي الشارع العراقي الذي يهدد بمقاطعة الانتخابات لا يهيئان لنجاع العملية الانتخابية"، مشيرا إلى أن "تراجع مقتدى الصدر عن قراره بمقاطعة الانتخابات وارد جدا".

وأضاف إحسان، في تصريحات إعلامية، أن "العراق يعيش اليوم حالة من الفوضى السياسية الأمنية والاقتصادية وحالة عدم وضوح في الرؤيا أكثر من أي وقت مضى"، منبّها إلى أن "انفلات السلاح وسيطرة الميليشيات على الأوضاع الأمنية لا يبشران بإمكانية إجراء انتخابات تتسم بالشفافية والنزاهة، وأن نتائج مثل هذه الانتخابات قد تزيد من ضبابية الأوضاع في عموم العراق".

وخلافا لهذا الرأي، أكد حسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات الخميس الماضي أن مقاطعة الانتخابات أو انسحاب مرشحين لن يغير موعد إجرائها المحدد. 

وقال الهنداوي إن "المفوضية العليا للانتخابات أكدت أن انتخابات مجلس النواب المقبل ستجرى في موعدها المحدد وهو 10 أكتوبر المقبل".

وأضاف أن "الحكومة هيأت كل ظروف النجاح للعملية الانتخابية حسب تأكيدات المفوضية المستقلة للانتخابات"، مشيرا إلى أنه "سيكون هناك ما يقرب من نصف مليون مراقب محلي ومراقبين عن الأمم المتحدة لضمان نزاهة الاقتراع والنتائج ومنعا للتزوير".

وكانت جينين هينيس بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جدّدت دعوتها الأسبوع الماضي لجميع الجهات المعنية العراقية بالالتزام بنزاهة العملية الانتخابية وقالت "العالم يراقب".

وحذرت بلاسخارت خلال إحاطتها الافتراضية أمام مجلس الأمن الثلاثاء من أن الفشل في تنظيم انتخابات ذات مصداقية من شأنه أن يولّد غضبا وخيبة أمل كبيرين ودائمين وواسعي النطاق، "الأمر الذي ربما يتسبب بالمزيد من عدم الاستقرار في البلاد في وقت هي في أمسّ الحاجة فيه للقوة والوحدة".

وأشارت إلى أن الضغط والتدخل السياسيين والتخويف والتمويل غير المشروع تعد من أشد العوامل إضرارا بمصداقية الانتخابات، خصوصا لجهة الإقبال على المشاركة فيها.

إيران إنسايدر

التيار الصدري مصطفى الكاظمي الامم المتحدة الانتخابات البرلمانية العراقية مقاطعة الانتخابات اياد علاوي المنبر العراقي الحزب الشيوعي العراقي حزب التجمع الجمهوري العراقي صالح المطلك جبهة الحوار الوطني