بعد هجمات 14 سبتمبر.. لماذا لا تلجأ السعودية إلى منظومات روسيا الدفاعية؟

دخل الصراع الإيراني-الأمريكي منعطفا جديدا، تبدو رقعته بعيدة جغرافيا عن الدولتين، لكنه يصب في خدمة التدمير الاقتصادي، ويدخل في مسمى حرب الجيل الرابع. 

وتظهر الرسائل واضحة وقوية في سياق الخبر، حيث أنها تسير على جانبين، القدرات العسكرية والتشكيك بقدرات طرفي معادلة الصراع، وما يتبعه حتما من تداعيات اقتصادية.

قدرات مشكوك فيها!

ويبدو أنّ التطور الأخير فتح التساؤل حول حقيقة القوة العسكرية في السعودية، والتشكيك المعلن بجدوى النفوذ الأمريكي هناك، بعد الهجوم الأخير.

ومن المنطقي أن تثار إعلاميا تساؤلات حول جدوى اقتناء الرياض للسلاح الأمريكي، في ظل تصاعد هجمات الحوثيين (المتهم بالهجمات)، وضعف أو غياب القدرة على التصدي لها، بل تمكنها من اختراق تلك الدفاعات وتحقيق أهداف مباشرة.

اس 400

واستغلت موسكو الحادثة للترويج لأسلحتها من خلال تقديم ما وصف بالنصح للقيادة السعودية، وأبدى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مرونة، ودعا الرياض ولفت نظرها إلى بلاده، فيما يتعلق بمشترياتها العسكرية، وأتى ذلك خلال اجتماع يوم الاثنين 16 أيلول/سبتمبر في أنقرة، وبحضور القيادتين التركية والإيرانية.

وشدد بوتين في كلمة له أن "على السعودية إذا أرادت الدفاع عن نفسها أن تحذو حذو إيران التي اقتنت من روسيا صواريخ أس-300، وحذو تركيا التي اشترت منا صواريخ أس-400، فهذه الصواريخ وسيلة ناجعة لتأمين وحماية أي بنى تحتية من أي اعتداء وهجوم جوي".

صراع شركات الأسلحة

وبعيدا عن تداعيات الملف اقتصاديا، تظهر على السطح بوادر تنافس أمريكي-روسي، أو ما يمكن وصفه "صراع شركات السلاح" في المنطقة.

ونقل موقع الجزيرة نت، تصريحا للسفير الأميركي السابق والزميل بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن ديفيد ماك، قوله؛ إن "روسيا لا تترك فرصة إلا وتتدخل لملء الفراغ الأميركي كما حدث في سوريا ومع تركيا".

وأضاف أن "موسكو ترغب في بيع السلاح الروسي للدول العربية الغنية منذ عهد الاتحاد السوفيتي. إلا أنها تسعى دوما لبيع السلاح للدول الغنية للحصول على العملة الصعبة بسرعة وبسهولة، وهذا لم يتحقق لروسيا بعد".

وعلى عكس الموقف الأمريكي من القضايا الإقليمية تبدو روسيا مستفيدة بموقفها الحيادي من التجاذبات، فهي تعرض نفسها كبائع للسلاح، أمام الخصمين بمرونة ودون حرج.

فيما يبدو الموقف الأمريكي (الظاهر)، أقرب لأحد الخصوم من الآخر.

كفة الميزان تميل!

وتبدو الرياض في موقف حرج داخليا أمام تزايد نفوذ الإيرانيين على حدودها، وتهديدهم لمصالحها الاقتصادية، عبر أدواتهم في المنطقة "ميليشيا الحوثي" في اليمن، وميليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، وميليشيات إيران في سوريا، وميليشيا "حزب الله" في لبنان.

ومن المنطقي أن تفرز تلك الهجمات قرار الموازنة بين كفاءة السلاح الأمريكي والروسي، مستقبلا.

إلا أنّ خبراء في المجال العسكري لا يرون ترجيح كفة الروس، ويستبعد بعضهم ذلك، بحجة أنّ عقيدة الجيش السعودي التسليحية والتدريبية غربية بامتياز، إلا أن خبراء يرون أن على الرياض السير على نهج أنقرة التي خلعت العباءة الأمريكية واشترت منظومة أس 400 الروسية.

كما تحتاج عملية التحول من منظومة تسليح وتدريب إلى منظومة أخرى، عقودا طويلة، ما يعني أنّ الرياض لن تخرج أو تبتعد عن العباءة الأمريكية على الأقل قريبا.

وتستعد الرياض لاستقبال، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي من المنتظر أن يقوم بزيارة تاريخية للسعودية في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

صدمة نفطية

ومن الطبيعي أن تشكل تلك الضربة الإيرانية صدمة في سوق النفط، فضلا عن تهديد البنية الاقتصادية السعودية والخليجية في ذات الوقت.

وتوقع خبراء اقتصاديون، أن تؤدي هجمات "أرامكو" في السعودية، إلى القضاء على فائض معروض النفط العالمي.

ولم تخرج معظم الآراء حول مسألتين؛ فمن جهة أولى قدرة الرياض للعودة سريعا إلى الإنتاج، ومن جهة أخرى ضرورة البحث عن مصادر أخرى للإيفاء باحتياجات السوق.

وصرح مسؤولون سعوديون إمكانية لجوء بلادهم إلى الاحتياطي الاستراتيجي، بهدف تلبية احتياجات السوق؛ ما يعني أن المعروض النفطي لدى المملكة (على الأقل) سيتراجع خلال الفترة القادمة.

بالمقابل صرح وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، يوم الأحد 15 أيلول/سبتمبر، أن المملكة ستستخدم مخزوناتها الضخمة للتعويض جزئيا عن تراجع الإنتاج، كما سمحت الولايات المتحدة باستخدام احتياطياتها.

وتحدث التلفزيون السعودي، يوم الاثنين 16 أيلول/سبتمبر، أن "أرامكو" مستعدة لإعادة تشغيل منشآت "خريص" التي تعالج 1.5 مليون برميل في اليوم.

فيما نقلت وكالة الأنباء رويترز، الاثنين، عن تجار في الأسواق العالمية، إن منشآت تتبع "أرامكو"، طلبت منتجات نفطية فورية على غرار الديزل.

ما يعني أنّ إتمام منشآت "أرامكو" عمليات الشراء تلك، ستكون المرة الأولى التي تستورد فيها المملكة السعودية منتجات نفطية من مصادر خارجية، منذ حرب الخليج الأولى.

تداعيات الهجمة

ويرجح محللون أن تداعيات الهجمة على سوق النفط ستستمر لعدة أسابيع أو ربما أشهر.

بالمقابل؛ استبعد بنك "باركليز" في مذكرة بحثية، أن تقلص الهجمات الصادرات النفطية للمملكة على نحو كبير، "إذ إن بحوزتها مخزونا يضم كمية كبيرة من النفط الخام والمنتجات البترولية".

كما ورد في المذكرة، احتمالية قيام بلدان من خارج "أوبك"، بزيادة إمدادات الخام للسوق العالمية بهدف تأمين حاجة المستهلكين.

ويصعب عمليا تقييم قدرة "أرامكو" على إعادة العمل نتيجة استمرار الحرب في اليمن، وعدم تحقق استقرار بعيد المدى، لأمن إمدادات الخام السعودية. وفق ذات المذكرة البحثية.

تراجع المعروض النفطي

وبلغ سعر خام برنت في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء، 68 دولارا للبرميل، وهو سعر قال عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "لا يمثل مشكلة".

وتشير تقارير إلى أنّ تحالف "أوبك+" يواصل منذ مطلع العام الجاري، تنفيذ اتفاق يقضي بخفض إنتاج النفط بواقع 1.2 مليون برميل يوميا، ينتهي في آذار/مارس 2020.

وأنه على الرغم من تنفيذ الاتفاق بنسبة تجاوزت الـ150 % في بعض الأشهر، إلا أن أسعار النفط بقيت عرضة لتغيرات سببها الرئيس؛ "توترات تجارية بين واشنطن وبكين، أو أسباب جيوسياسية مرتبطة بتوترات الشرق الأوسط".

وفي السياق؛ حذّرت وكالة الطاقة الدولية، الأسبوع الفائت، من احتمال حدوث فائض في إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، وكانت هذه الأخيرة حذّرت الأربعاء الماضي، من ذات التوقعات.

هذا ويعتبر "فائض معروض النفط" الذي تشير التقارير المختصة أنه  عاد للصعود منذ تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، المشكلة الأبرز التي دفعت "أوبك+" لخوض اتفاق جديد، كان من المفروض انتهاؤه في حزيران/يونيو الفائت، قبيل تمديده 9 أشهر حتى آذار/مارس 2020.

وتأتي "تخمة المعروض" التي تعاني منها الأسواق العالمية، رغم من تجفيف نسبة 90% للنفط الإيراني في الأسواق العالمية منذ تشرين الثاني/نوفمبر العام الفائت.

ويشار إلى أنّ ما يسمى بـ"فائض المعروض أو تخمة المعروض النفطي"، تتشكل بازدياد معروض المنتجين المنافسين في الأسواق بوتيرة أسرع من المتوقع، مقابل تراجع الطلب على النفط بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وفي سياق متصل؛ هبطت صادرات إيران النفطية من 2.21 مليون برميل يوميا في تموز/يوليو 2018 وفق أحدث البيانات التي أفصحت عنها حكومة طهران، إلى متوسط 200 برميل يوميا في آب/أغسطس الفائت، وفق تقرير لوكالة الطاقة الدولية.

هذا وتعد دول شرق آسيا، المستورد الأكبر للنفط السعودي، ومن بينها "الصين" و"اليابان" بمتوسط مليون برميل يوميا.

ويشار إلى أنّ مجمعي "بقيق" و"خريص" النفطيين شرقي السعودية، تعرضا يوم السبت الفائت، لهجوم، قالت المملكة إنه تم بطائرات مسيرة، وتبنت جماعة "الحوثي" الهجوم.

وتسبب الهجوم بفقدان الرياض إمدادات يقدر حجمها بـ 5.7 ملايين برميل يوميا من النفط، وتشكل نسبتها 58 % من إنتاج المملكة.

فراس عزالدين – إيران إنسايدر

مقالات متعلقة

الثلاثاء, 17 سبتمبر - 2019