دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، يوم الاثنين، إلى خروج القوات الأجنبية من سوريا متجاهلا وجود عشرات الميليشيات التي يقودها "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا.
وقال روحاني قبل المحادثات، إن ما أسماه "الدبلوماسية" هي الحل الوحيد للأزمة، ودعا الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من شمال شرق سوريا على الفور.
وأضاف روحاني "الدبلوماسية وليست المواجهة العسكرية يمكن أن تضمن إحلال السلام في سوريا"، حسب قوله.
ومنذ بدء الثورة السورية في عام 2011، بدأت إيران بالتدخل المباشر لصالح نظام بشار الأسد، الذي شرّع أبواب البلاد أمام آلاف المسلحين الطائفيين الذين أرسلتهم إيران إلى سوريا ضمن ميليشيات ترفع شعارات طائفية قتلت السوريين على الهوية حتى باتت جزءا من معادلة القوة.
ونشرت إيران هذه الميليشيات التي تضم مسلحين شيعة من كل الجنسيات في عموم سوريا ويتجاوز عدد عناصرها 75 ألفا، وخاصة في دمشق ومحيطها وفي حمص، وحلب وريفها وريف دير الزور الشرقي.
وخلقت إيران ميليشيات محلية تضم مسلحين سوريين وفلسطينيين ولبنانيين، باعوا ولاءهم للحرس الثوري الإيراني مقابل دعم عسكري ومادي، كما تغلغل الإيرانيون في المؤسستين العسكرية والأمنية التابعتين للنظام السوري إلى حد بعيد، حيث يدين بالولاء لإيران عدد كبير من ضباط جيش النظام، وفي مقدمتهم ماهر الأسد، الذي يقود الفرقة الرابعة في هذا الجيش الذي أدت الحرب إلى تهالكه.
وتنشط إيران لتغيير الهوية السورية من خلال نشر التشيع في البلاد ترهيبا وترغيبا، كما تحاول إيجاد موطئ قدم لها على الساحل السوري وإنشاء قواعد عسكرية إلى جانب القواعد الروسية.
وخلقت إيران وقائع في سوريا من الصعب تجاوزها من دون مساعدة روسية، من هنا تمارس واشنطن وتل أبيب ضغوطا على موسكو من أجل التخلي عن الإيرانيين في سوريا مقابل بقاء الروس في شرقي البحر المتوسط، ومنح بشار الأسد طوق نجاة سياسيا من خلال الاعتراف به والسماح له بالترشح في الانتخابات المقبلة.
قمة أنقرة
واتفق زعماء تركيا وروسيا وإيران في اجتماعهم بأنقرة، يوم الاثنين، على محاولة تخفيف التوترات في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، لكن الخلافات بين الدول الثلاث ظلت قائمة فيما يبدو.
وتهدف القمة، إلى التوصل لهدنة دائمة في إدلب. وتهدد الهجمات التي شنتها قوات النظام في الآونة الأخيرة بتفاقم الاضطرابات الإقليمية ونزوح موجة جديدة من السوريين نحو تركيا.
وتدعم روسيا وإيران، نظام بشار الأسد ضد مقاتلي المعارضة. بينما تدعم تركيا فصائل المعارضة السورية المعتدلة.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ضرورة تحمّل مسؤوليات أكبر لحل الأزمة القائمة في سوريا، لافتا إلى أن تركيا وقفت مع الشعب السوري في أكثر الأوقات الصعبة والعصيبة، وأن أنقرة ألحقت هزائم كبيرة بالتنظيمات الإرهابية عبر عمليتي درع الفرات في جرابلس والباب والراعي ضد تنظيم الدولة، وغصن الزيتون في عفرين ضد الوحدات الكردية -المرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة على قوائم الإرهاب- وتدعمها واشنطن ماليا ولوجستيا وعسكريا.
وأكد أن تركيا ستواصل بذل الجهود في إطار القمة الثلاثية للوصول إلى مرحلة جديدة، عن طريق تجفيف ما أسماه "مستنقع الإرهاب" في شرق الفرات، في إشارة إلى الوحدات الكردية.
وقال الرئيس التركي "أعتقد أن قمة أنقرة ستدفع بمسار أستانا خطوة جديدة ومتقدمة نحو الأمام، ومسار أستانا يعتبر المبادرة الوحيدة القادرة على إيجاد حلول مجدية وملموسة لإخماد الحريق المشتعل في سوريا".
وأضاف "نحن متفقون تماما على الحفاظ على وحدة سوريا السياسية ووحدة ترابها، والحفاظ على السلام ميدانيا وإيجاد حل سياسي دائم للنزاع، وسنتناول في القمة مستجدات الأوضاع في إدلب وشرق الفرات، وما آلت إليه الأمور في المسار السياسي ووضع اللاجئين".
واعتبر أردوغان أن "تطور صيغة أستانا لحل الصراع السوري أساليب فعالة للغاية، نحن المنبر الوحيد لأداء هذه المهام التسوية السورية، ولضمان السلام والاستقرار في سوريا، نحتاج إلى العمل بجدية أكبر".
وأشار أردوغان إلى أن المسائل الأكثر إلحاحا في الفترة الراهنة هي الوضع في إدلب وشرقي الفرات، ومسألة النازحين، ومن المقرر بحث تلك المواضيع خلال القمة الثلاثية.
بدوره، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال القمة الثلاثية الروسية – التركية – الإيرانية بشأن سوريا في أنقرة، أنه لا يجوز تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، وقال في افتتاح القمة إلى أن عملية أستانا التي تعتبر روسيا وتركيا وإيران الدول الضامنة لها، "تعتبر آلية فعالة للمساهمة في تسوية الأزمة السورية، وسمحت جهودنا المشتركة بتحقيق استقرار الأوضاع على الأرض السورية وتخفيض مستوى العنف".
وأعرب الرئيس الروسي عن قلقه إزاء الأوضاع بشمال شرقي سوريا، مشيرا إلى أن "القضايا الأمنية في هذه المنطقة، وفي المناطق الأخرى بالبلاد يجب أن تحل فقط على أساس مبدأ الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي سوريا".
وشدد على أن "منطقة خفض التصعيد لا يجب أن تبقى ملاذا لمختلف المتطرفين، وأن تعتبر منصة للقيام باستفزازات مسلحة"، مضيفا أنه يجب اتخاذ خطوات إضافية مشتركة لإزالة الخطر الإرهابي في إدلب بالكامل، وفق تعبيره.
وأكد بوتين أنه من الضروري إطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، علما بأن تشكيلة اللجنة تم تحديدها بالكامل. كما نوه بأنه من ضروري تقديم المساعدات الإنسانية لكافة السوريين بدون أي تمييز أو تسييس أو شروط مسبقة.
من جهته، أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أسفه لعدم تنفيذ الاتفاقات بشأن منطقة إدلب، معتبرا أنه "بلا شك، أحد أهم أهداف الدول الضامنة لعملية أستانا بموجب تلك الاتفاقية، هو تفادي أزمة إنسانية كبرى في منطقة إدلب، ولم يمض وقت كثير منذ توقيع الاتفاق، لكن الأراضي تحت سيطرة الإرهابيين لم تتقلص، بل اتسعت كثيرا للأسف".
وهذا الاجتماع الثلاثي هو الخامس لرؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا، بعد أن استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني للمرة الأولى بسوتشي في تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
أسامة محمد – إيران إنسايدر