وجه رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري، اليوم الأحد، انتقادات مباشرة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، مؤكدا أن لبنان في حاجة إلى "خريطة إصلاح" و"حكومة اختصاصيين" ليس لهم انتماءات حزبية.
وأوضح الحريري إلى أنه قدم إلى الرئيس اللبناني اقتراحا بتشكيل حكومي يضم 18 وزيرا من "الاختصاصيين، غير حزبيين"، إلا أنه "بدل أن يعطي فخامته ملاحظاته على التشكيلة وفق الدستور، والمنطق، ومصلحة البلد واللبنانيين، أتى الجواب بالإعلام، بالخطابات، بالبيانات".
وعرض الحريري وقائع الجولات الـ16 من اللقاءات التي جمعته مع رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، منذ تكليفه تشكيل الحكومة في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأكد أنه تسلّم من رئيس الجمهورية في اللقاء الثاني بينهما أسماء المرشحين للحقائب الوزارية مدوّنة بالألوان، خلافا لنفي سابق للرئيس عون بذلك، يوم بدأت معركة الاتهامات المتبادلة بالكذب والتعطيل بين الرئيسين وفريقيهما السياسي والإعلامي.
وأشار الحريري إلى أنه بعد جولات التشاور الـ14 "قدمت اقتراحا بتشكيلة من 18 وزيرا غير حزبيين، اختصاصيين ومن أصحاب الكفاءة قادرين على تنفيذ الإصلاحات لوقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت، ولا يمنح لأي فريق سياسي الثلث المعطل أي 7 وزراء"، وهي نقطة يشدد الرئيس المكلف على ألّا تراجع فيها، باعتبار أن "الثلث المعطل، قادر على فتح أبواب التفاوض والمقايضة ومنع النصاب عن الجلسات وحتى إقالة الحكومة"، وهو ما يتّهم الحريري فريق رئيس الجمهورية بأنه يريده.
من يمنع تشكيل الحكومة يمنع إطلاق الاصلاحات، ويمنع تغيير طريقة العمل، وبالنهاية يقول أن قراره خراب البلد. #١٤_شباط pic.twitter.com/j6kDNqEUtf
— Saad Hariri (@saadhariri) February 14, 2021
وتساءل الحريري "لماذا تريدون الثلث المعطل؟ ومن ماذا تخافون؟ ما دام الرئيس موجودا ورئيس مجلس النواب؟ إلّا إذا خلف الستارة هناك من يحرّك ويشجّع على ذلك؟"، لافتاً إلى أنّه من أصل 18 وزيراً "اعتبرت أن للرئيس عون 6 وزراء من بينهم وزير لحزب الطاشناق الذي يصوّت مع تكتل لبنان القوي (يمثل التيار الوطني الحر في البرلمان) في مجلس النواب، علماً أن التيار الوطني الحر لم يسمني في الاستشارات النيابية غير الملزمة، و4 منهم أسماء تنطبق عليها كل المواصفات من اختصاص وكفاءة وعدم انتماء حزبي، اخترتها من لائحة الرئيس عون، والخامس شخصية محترمة، غير حزبية مقرّبة من رئيس الجمهورية وسبق أن طلب مني شخصياً دعم ترشيحها لمنصب مرموق".
وأضاف "في التشكيلة نفسها، اقترحت لوزارة الداخلية اسم قاضٍ معروف، مشهود بكفاءته ونظافته، وسبق وحكم ضد تيارنا السياسي في القضاء، ومقرب من قصر بعبدا، وبدل أن يعطي الرئيس عون ملاحظاته على التشكيلة وفق الدستور، والمنطق، ومصلحة البلد واللبنانيين، أتى الجواب بالإعلام، بالخطابات، والبيانات والتسريبات".
ورفض الحريري اتهامه من قبل الرئيس عون وفريقه السياسي بأنه "يعتدي على حقوق المسيحيين وصلاحيات الرئيس الدستورية"، مؤكدا أنه "ترك له حرية الاختيار، وكان منفتحا على كلّ اقتراحاته". كما وجه جملة تساؤلات مبطّنة بالاتهامات، حول "تمسّك الرئيس عون دائماً بحقوق المسيحيين والتلطي خلفها لتحقيق مطالبه واللعب على وتر الشارع المسيحي"، غامزا من قناة تعطيل رئاسة الجمهورية لثلاث سنوات من قبل عون يوم كان نائبا ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، والدور الذي لعبه الحريري بوصوله إلى رئاسة الجمهورية.
وأشار الحريري إلى أن الرئيس عون لم يأتِ بجواب مشجع، و"عاد إلى نغمة الـ6 وزراء زائد وزير الطاشناق، وهو ما يعتبر من فريقه السياسي وإن أنكر الرئيس ذلك، أي أنه يريد الثلث المعطل، وهذا أمر مستحيل".
وأبدى الحريري "جهوزيته واستعداده الدائم والتزامه اليوم قبل الغد تشكيل الحكومة وبدء مشوار الإصلاح وفق المبادرة الفرنسية"، جازما بأنه "لن يتراجع، وجولاته الخارجية، هدفها حشد الدعم وترميم العلاقات مع الدول خصوصا العربية، وكسب ثقة المجتمع الدولي"، رافضا تحويل لبنان إلى "منصة للهجوم على الدول العربية والخليجية الشقيقة"، في رسالة واضحة إلى "حزب الله" وصراعاته الإقليمية.
وشدد الحريري، في كلمته أيضا، على أنّ "الإصلاح يبدأ باستقلالية القضاء وليس بالضغط السياسي عليه، الذي من شأنه أن يبقي على الفساد، ويدمر مصداقية السلطة القضائية"، متهما من يمنع تشكيل الحكومة اليوم بأنه "يريد خراب البلد لمصالحه الشخصية".
وقال الحريري: "بعد كل محاولات الإصلاح التي تم إفشالها، أصبح كل مستثمر لبناني أو غير لبناني لديه مطلبان: الأول أن يبدأ الإصلاح، والثاني هو تغيير طريقة عمل وعقلية أوصلتنا إلى ما نحن عليه".
وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كلف عون الحريري بتشكيل الحكومة بعد حصوله على أغلبية الأصوات خلال الاستشارات النيابية.
واستقالت حكومة الحريري في أكتوبر/تشرين الأول 2019 عندما شهد لبنان احتجاجات شعبية ضد النخبة الحاكمة والفساد، فيما خلفه حسان دياب المقرب من حزب الله الذي دفع انفجار مرفأ بيروت (4 أغسطس/آب 2020)، إلى المطالبة برحيله من منصبه.
الرئاسة ترد
وفي سياق الرد على سعد الحريري، اتهمته الرئاسة اللبنانية، في بيان، الأحد، بـ"استغلال ذكرى استشهاد والده" ليتحدث عن "مغالطات غير صحيحة" تتعلق بملف تشكيل مجلس الوزراء.
مكتب الاعلام في الرئاسة: مرة جديدة استغل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ذكرى استشهاد والده ليلقي كلمة تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة وضمّنها مغالطات كثيرة واقوال غير صحيحة لسنا في وارد الرد عليها مفصلا لتعذر اختصار 14 جلسة ببيان
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) February 14, 2021
وقال مكتب الإعلام لرئاسة الجمهورية في بيان صحفي ردا على تصريحات الحريري إن "ما أقر به رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في كلمته، كاف للتأكيد بأنه يحاول من خلال تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور والميثاق".
مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية: تكفي الاشارة الى ان ما اقر به رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في كلمته، كاف للتأكيد بأنه يحاول من خلال تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور والميثاق
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) February 14, 2021
وأشار البيان الرئاسي إلى أنه من الصعب اختصار 14 جلسة ببيان واحد، إذ أن كلمة الحريري "تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة العتيدة، وضمنها مغالطات كثيرة وأقوال غير صحيحة لسنا في وارد الرد عليها".
وكان الحريري، قد شن أواخر يناير الماضي، هجوما على الرئيس اللبناني، قائلا إن "الشعب في واد من المعاناة" فيما "العهد القوي (يقصد بها عون حلفائه) في واد سحيق من اللامبالاة".
وعلى هامش الخلاف السياسي حول شكل الحكومة، تأججت الأزمة بين الحريري وعون، بعدما سرب مقطع لرئيس الجمهورية اللبنانية، من اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وصف فيها الحريري، بـ"الكاذب".
إيران إنسايدر – (ريتا مارالله)