"جامعة الموصل".. من صرح تعليمي إلى مرتع للميليشيات الإيرانية

تعتبر جامعة الموصل واحدة من أكبر المراكز التعليمية والبحثية في الشرق الأوسط وثاني أكبر جامعة في العراق، خلف جامعة بغداد، وباتت مهددة اليوم بفعل قضايا فساد وممارسات ميليشياوية مرتبطة بإيران، وفقاً لمتابعين.

وفي حين يمنع تشكيل هيئات طلابية داخل الجامعات، يزداد قلق طلاب جامعة الموصل، بعد سيطرة المليشيات الإيرانية على كافة جوانب المدينة، التي تعاني منذ تحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي.

وتتحكم الفصائل المسلحة بجامعة مدينة الموصل (شمالي البلاد)، وتبعث بأمنها واستقرار دوامتها، منذ عام 2019، بحسب ما كشف طالب من كلية الطب داخلها، في حديث لموقع "الحرة".

المليشيات دخلت من باب الإدارة

وأضاف الطالب، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّه "منذ حوالى العامين، تولى منصب رئاسة الجامعة، الدكتور قصي الأحمدي، الذي يأتي على الحرم الجامعي بمرافقة شخصية لا تقل عن 18 عنصراً تابعاً لقوات الحشد الشعبي"، مشيراً إلى أنّ "الأحمدي فتح أبواب الجامعة للمليشيات، وسهل لها سبل التحكم بكافة التفاصيل".

بدوره، كشف الناشط السياسي في مدينة الموصل، علي النعيمي، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "قضايا فساد عدّة متورطة بها المليشيات مع إدارة الجامعة، آخرها كان الدرجات الوظيفية التي تمنحها وزارة التعليم العالي للطلبة الأوائل، والتي ذهبت إلى جداول وقوائم وضعت مناصري الميليشيات من الطلبة".

وتحدث النعيمي عن "استثمارات" داخل الجامعة تحتكرها فصائل من الحشد الشعبي، قائلا: "المقاهي والمطاعم، البقالات، جميعها استثمارات توافق عليها إدارة الجامعة بإيعاز من الفصائل".

"ضمان بقائه في المنصب"

وأوضح النعيمي أنّ "الاحمدي من أعضاء حزب البعث في العراق، ويمنعه القانون من توليه أي منصب إداري، لاسيما أنّ تعميما صدر بحقه من الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة لوزارة التعليم بعدم السماح له بالوصول إلى منصب رئاسة الجامعة"، مضيفاً أنّ "المليشيات هي من وضعت الرئيس في منصبه، وبالتالي عليه المحافظة على رضاها لضمان بقائه".

أثاث وتجهيزات 

وعن ملفات الفساد داخل الجامعة، كشفت مصادر مطلعة، لموقع "الحرة"، أنّ "كلفة أثاث مكتب رئيس الجامعة وصلت إلى أكثر من 25 مليون دينار عراقي (حوالى 20 ألف دولار أميركي)، كما أنّ كلفة أثاث كلية الطب تجاوز 65 مليون دينار عراقي (حوالى 55 ألف دولار أميركي)، لافتة إلى أن هذا الملف هو واحد من عشرات ملفات الفساد داخل الجامعة.

كما تحدثت المصادر عن "قضية فساد كبرى"، تتمثل بنقل "حديد المباني المدمرة في الجامعة إلى إيران عبر مليشيا عصائب أهل الحق"، مشيرة إلى "وجود تحقيق من الراقبة المالية بموجب الكتاب المرقم 145 بتاريخ 10/11/2020"، لمعرفة ملابسات الحادثة التي ينكرها الأحمدي، بحجة أنّ الحديد المسروق لدائرة صحة نينوى ولا علاقة للجامعة به.

رئيس الجامعة ينفي 

من جهته، نفى رئيس جامعة الموصل، الدكتور قصي الأحمدي، في حديث لموقع "الحرة"، كل التهم الموجهة إليه، مشدداً على أنّ "الحرم الجامعي تابع للإدارة فقط، وبأنّه لا يوجد أي دليل على سيطرة الجماعات المسلحة عليه"، مكرراً أنّ "الحديد يتطلب حماية وقد أرسل كتاباً حول ذلك، ولكنه يعود إلى دائرة صحة نينوى، ولا علاقة له به".

وقال الأحمدي "أتحدى أي شخص في الموصل لديه دليل واحد على وجود مظاهر عسكرية أو سياسية في الجامعة".

"المليشيات بالظاهر والباطن"

في المقابل، أكّد أحد كبار الإداريين الحاليين في الجامعة، طلب عدم الكشف عن اسمه في حديثه لموقع "الحرة"، أنّ "مليشيات الحشد الشعبي سيطّرت على الجامعة بشكل كامل".

ولفت إلى أنّ "قادة ورؤساء فصائل يزورون الجامعة بشكل دوري، أبرزهم من منظمة بدر"

وأضاف أنّ "للفصائل المسلحة وجوها سواء بالظاهر أو الباطن، إذ لديها هيئات طلابية،  أبرزها مجموعة همم التي تتخذ الشكل المنظم، إذ بات الطلاب يعودون إليها للقيام بأي شيء في الجامعة، نظراً لعلاقتها القوية مع الإدارة".

وشدد الإداري على أنّ "المليشيات لديها الكثير من الأموال، ولكنها تبحث عن الأيديولوجيا، تريد أنّ تحكم عقل المدينة وتسطير على جيل كامل".

وعلى صعيد يوميات الطلاب، قال "أ.م" من كلية التربية، إنّ "الجامعة تحولت إلى مجلس عاشورائي، حيث تكسوها الخيم السوداء والمظاهر المسلحة التي ترهب نفوس الطلاب، فضلاً عن مكبرات صوتية لبث الأناشيد الدينية الشيعية".

خطف وترهيب

وقال الطالب الجامعي، في حديثه لموقع "الحرة": "فقدنا العديد من الأصدقاء الذي انتقدوا بعض الأمور البسيطة في الجامعة، اقتداتهم مليشيا عصائب أهل الحق لجهات مجهولة، وهو إن صح التعبير الخطف بغاية التأديب".

وتحدث الطالبة "ن.أ" من كلية الصحة، عن "استعراضات عسكرية بين الحين والآخر، كان آخرها عند مقتل أبو مهدي المهندس (قائد في الحشد الشعبي)".

ولفت إلى أنّ هناك "مجالس تأديبية خاصة بالجامعة وأخرى للمليشيات، حيث يحقق مع كل من ينتقد أي إجراء بسيط".

رفضي شعبي

وفي سياق متصل، اعتبر الصحفي العراقي، زياد السنجري، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "جامعة الموصل تأسست في الستينيات، وباتت اليوم ملتقى لأهل العمائم والمليشيات، حيث يلتقون إدارة الجامعة، ويقيمون الاحتفالات الدينية على أبوابها".

وشدد على أنّ "أهالي الموصل يرفضون نفوذ وسطوة المليشيات على الجامعة، التي تعتبر أهم الصروح العلمية".

المصدر: الحرة

مقالات متعلقة

الخميس, 17 ديسمبر - 2020