كشفت مصادر محلية سورية، عن مشروع إيراني لاستنساخ ضاحية لبنان الجنوبيّة على أبواب العاصمة دمشق، بهدف وضع قدم لها في مستقبل سوريا.
فمع تزايد الحديث عن سماح نظام الأسد لمُهجري الجنوب الدمشقي بالعودة إلى منازلهم، ووضعه عدّة شروط لهذه العودة، والظاهر من هذه الشروط أنها منطقيّة، إلّا أنها في جنوب دمشق غير منطقيّة أبداً، فالنظام يعلم جيدًا أن غالبيّة سُكّان هذه المنطقة لا تنطبق عليهم تلك الشروط التي يأتي على رأسها إثبات مُلكيّة البيت (الطابو الأخضر) بالإضافة لأن يكون البيت سليمًا وحصول الراغب بالعودة على الموافقات الأمنيّة اللازمة.
الناشط المدني ومدير مدرسة الحجر الأسود سابقًا محمود محمد، قال إنّ "غالبية سُكّان هذه المنطقة هم من النازحين من الجولان المُحتل أو من الفلسطينيين، وهم أصلاً لا يمتلكون أوراق ملكيّة لهذه المنازل، إذ تُعتبر منازلهم (أملاك دولة) حصلوا عليها إثر نزوجهم من الجولان، باستثناء قلّة كانوا يسكنون تلك الأرض في الأصل".
ويُضيف محمد "يقولون إنّ النظام سيسمح بعودة المُهجّرين، نحن لم يَكن مسموحا لنا أن نكون مالكين لهذه المنازل، أما الموافقات الأمنيّة اللازمة، فلا أعتقد أن أحدًا سيذهب بقدميه إليهم".
الصحفي ثائر المجارحي، يرى أنّ الإيرانيين يعملون على خطة منظمة للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجيّة من دمشق، يقول المجارحي: "استولت إيران وميليشياتها على أعداد كبيرة من البيوت في منطقة حجيرة والسيّدة زينب والذيابيّة، وقاموا بإسكان ميليشياتهم هناك، لا سيما الأفغان والعراقيين وعدد كبير من أبناء قرية الفوعة المُنتسبين إلى الميليشيات الإيرانيّة".
ويضيف المجارحي: "منعوا رجوع أهالي المنطقة إليها بشكلٍ كامل، وحدثت بعض حالات الرّجوع للموالين بشكل كامل لنظام الأسد، أما البيت الذي يوجد به أحد المطلوبين للنظام فتمّ الاستيلاء عليه وإسكان أفراد الميليشيات فيه، مع رفض عودة ذويه إلى مسكنهم، ناهيك عن انتشار الشعارات الطائفية في كافة المناطق التي تمّ تهجير سُكّانها وتغيير ديموغرافيتها، وهو الأمر الذي نشهده في منطقة حجيرة والسيدة زينب والذيابية".
عملية التغيير الديموغرافي هذه بدأت وكما يؤكد المجارحي في العام 2016، حيث كانت الشركات والوسطاء العاملين لحساب الإيرانيين تدفع مبالغ طائلة ثمن البيوت في الجنوب، ولا سيما منطقة السيدة زينب وببيلا كونهما لم تتعرضا لدمار كبير، أما اليوم فتقوم تلك الشركات ونتيجة الضائقة المادية للسوريين بدفع أثمان بخسة ثمنًا لمنازلهم.
أكثر من ذلك، يُشير المجارحي إلى أنّه وبعد عملية التهجير التي ضربت مدينة الحجر الأسود ومخيم اليرموك نزح عدد كبير من أبناء المنطقتين واستقروا في القرى والبلدات القريبة منهما كيلدا وببيلا، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها قام نظام الأسد بإخلاء النازحين من هذه البيوت وتركهم لمصيرهم، لتبقى تلك المنازل فارغة ويسهل السيطرة عليها لاحقًا، وهو ما جرى بالفعل.
ضاحية دمشق.. الجنوبيّة
مصدر مُطّلع من مدينة دمشق -فضّل عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنيّة- شرح الاستراتيجيّة التي يتبعها نظام الولي الفقيه في دمشق، مؤكدًا أنها تشبه طريقة سيطرة ميليشياته في بيروت على لبنان، إذ يُركّز سيطرته على المناطق الجنوبية من العاصمة، وفي سوريا يجري حاليًا الأمر ذاته، يقول المصدر: "يبدو أن دوائر صنع القرار داخل ميليشيات الحرس الثوري الإيراني يعملون على استنساخ النموذج اللبناني في جنوب دمشق، وهو الأمر الذي بات واضحًا للعيان خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام".
وأضاف المصدر: "نظام الملالي يعمل على السيطرة على المنطقة الواقعة من قرية عقربا على طريق المطار شرقًا إلى أوتوستراد القدم غربًا ونجها جنوبًا، وهي المنطقة التي تُعرف بـ (جنوب دمشق) وتضم بلدات عقربا وبساتين ببيلا ويلدا وحجيرة والسيدة زينب والذيابية ومخيم اليرموك والحجر الأسود والقدم وصولًا إلى منطقة السبينة جنوبًا، وبذلك ستُحيط ميليشيات إيران بدمشق من جزئها الجنوبي بشكلٍ كامل".
وأشار المصدر إلى أنّ شركات ورجال أعمال مُرتبطين بالحرس الثوري بالإضافة لمؤسسة "جهاد البناء" المملوكة لميليشيات حزب الله، بدأوا ومنذ أشهر قليلة بزيادة زخم سيطرتهم على الممتلكات (المباني والأراضي) في جنوب دمشق وبأسعار منخفضة نسبيًا، معتمدين في ذلك على الحالة الماديّة السيّئة للكثير من قاطني تلك المناطق خصوصًا بعد أن ضرب فايروس كورونا سوريا.
وعلى هذا الأساس يبدو أنّ جنوب دمشق سيتحوّل رويدًا رويدًا إلى "ضاحية جنوبيّة" أخرى ستكون يدًا إيران الضاربة في مستقبل سوريا حتى من دون وجود نظام الأسد، كما أنّ التغيير الديموغرافي هذا وعمليّات التّشيع القائمة على قدمٍ وساق ستُعطي لإيران الحق بالتدخل في الشأن السوري ورسم صورة الحل النهائي، والحُجّة طبعًا ستكون حماية المراقد المُشكوك بتاريخها، وحماية "الشيعة السوريين" وهم السُكّان الجدد للجنوب الدمشقي.
المصدر: بلدي نيوز