في سوريا.. صناديق اقتراع على بقايا شعب!

شرع النظام السوري، يوم الأحد، إجراء انتخابات "مجلس الشعب"، لشعب يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، بدءا من الانهيار الاقتصادي إلى تداعيات انتشار فيروس كورونا.  

وفي حين يخوض 1658 مرشحّا سباق الوصول إلى البرلمان، في استحقاق يجري كل 4 سنوات، ودائما ما يفوز حزب البعث الحاكم الذي يترأسه رئيس النظام بشار الأسد بغالبية المقاعد في غياب أي معارضة فعلية على الأرض.

ويضم مجلس الشعب 250 مقعدا، نصفهم مخصص للعمال والفلاحين، والنصف الآخر لباقي فئات الشعب.

ويصرُّ النظام على إجراء مسرحيته الجديدة رغم تهجير ملايين السوريين بسبب حربه وحلفائه ضد المدنيين منذ عام 2011، وترى المعارضة فيها ضربا لكل القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري.

مسرحية جديدة

يقول رئيس الائتلاف الوطني المعارض "نصر الحريري" في تصريحات لموقع "بلدي نيوز"، "إن النظام السوري لم يعرف الانتخابات منذ استيلائه على السلطة قبل خمسين سنة، وكل ما كان يجري تحت مسمى الانتخابات كان عبارة عن مسرحية تتم تحت قبضة أمنية عسكرية، يتم من خلالها تعيين أشخاص تابعين بإشراف الأجهزة الأمنية لتشكيل مجلس صوري يستخدمه النظام من أجل تمرير تشريعات تخدم العصابة الحاكمة، وهو في ذات الوقت يحاول من خلال هذه المسرحية أن يظهر نفسه وكأنه دولة مؤسسات ولديه انتخابات شعبية ويحظى بالشرعية".

وأضاف "كل ما تغير في الأمر اليوم هو أنها تجري وقد هجّر نصف الشعب السوري، والبلاد تحت احتلال روسي إيراني، وتجري بإشراف مباشر من الميليشيات والمرتزقة والحرس الثوري الإيراني، وهي بشكل من الأشكال رسالة من النظام إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يؤكد من خلالها رفضه لأي حل سياسي يؤدي إلى انتخابات حقيقية يمثّل فيها الشعب السوري من خلال شخصيات وطنية تمثل برلمان حقيقي".

انفصام النظام

بدوره، يرى الدكتور "يحيى العريضي"، وهو عضو اللجنة الدستورية، أن الانتخابات ترجمة وتكريس لمبدأ انفصام النظام عن الواقع، ومحاولة يائسة ومسرحية هزلية كمحاولة لإضفاء الشريعة على الجو العام في سوريا، وأن أفعال النظام السوري مكشوفة ليست فقط للمجتمع الدولي فحسب، إنما لمن هو موجود في حضن ذلك النظام بأن الأخير غير طبيعي وغير شرعي ومزيف.

وأوضح العريضي، في تصريحات خاصة لبلدي نيوز، أن المجتمع الدولي والجهات الدولية تعرف تماما أن نصف سكان سوريا خارج حدودها، أي لا صوت لهم في هذه المسرحية وحتى من هم ضمن مناطق النظام سيختارون من اختارته المخابرات.

واعتبر أن فعل النظام بنظر المجتمع الدولي هو عمل لا شرعي، لا سيما أنه يترجم بعدم استعداد الأسد لتنفيذ القرارات الدولية التي تحفظ وتحمي حقوق السوريين سيما القرار 2254 والذي يمكن تسليط الضوء عليه من خلال السلال الأربع والتي تنص على  تشكيل لجنة دستورية لكتابة دستور للبلاد، وتهيئة بيئة آمنة ومحايدة موضوعية مستقلة تجري في ظلها انتخابات محلية، وصولا إلى انتخابات رئاسية برعاية الأمم المتحدة.

وأكّد على أن ما يجري اليوم مخالف لكل تلك الاتفاقيات وضرب قرارات المجتمع الدولي بما فيه روسيا بعرض الحائط.

ونوّه العريضي، أن الانتخابات اليوم هي عبارة عن فرض سطوة لحزب "البعث" الذي وضع قوائم واستئناس الذي بدوره خالف الدستور والذي لم يعد قائد للدولة بحسب دستور 2012 والذي حذف المادة الثامنة التي تعتبر الحزب قائد للدولة والمجتمع، الا أن حزب البعث اليوم هو من يقود تلك المسرحية ويفرض شخصياته ولا يجرؤ أحد على مخالفة الحزب أو نتائج الانتخابات التي سيفرضها.

باطلة قانونيا

من جانبه، يقول الخبير القانوني، الأستاذ "عبد الناصر حوشان"، إن الانتخابات التي تجري في غياب أكثر من نصف الشعب السوري غير مقبولة لا قانونيا ولا دستوريا، وأن إجراءها في هذه الظروف هو تعبير حقيقي لعدم شرعية النظام القائم لأنها تعتبر انتخابات حزبية داخلية ولا تمثِّل الشعب السوري أبدا.

وذكر حوشان في تصريح لبلدي نيوز، أن المادة (34) من الدستور السوري نصّت على حق المواطن في الإسهام في الحياة السياسية ومنها حق الترشح والانتخاب، وكذلك نصّت المادة (59) على أن كل من بلغ الثامنة عشر من عمره يعتبر مواطنا يتمتع بحق الانتخاب، كما نصّت المادة (73) منه على أن رئيس مجلس الشعب يمثِّل الشعب ويوقِّع عنه ويتكلم باسمه، وبناء عليه فإن التهجير القسري لأكثر من نصف الشعب السوري يعني حرمانه من حقوقه السياسية ومنها "الترشح والانتخاب".

ونوه أن تمثيل مجلس الشعب ورئيسه مخالفة لأحكام المواد (34 و 59 و 73) من الدستور، وبالتالي فإن العملية برمتها غير دستورية وأن تمثيل مجلس الشعب ورئيسه غير شرعي لأنه يمثل فقط من انتخبه وليس كل الشعب.

وكانت صفحات موالية تداولت صورا لمشاركة كبيرة من ميليشيات الدفاع الوطني التي تم تشكيلها تحت أوامر من رأس النظام وحاشيته في انتخابات مجلس الشعب أو ما يعرف بـ(مجلس التصفيق).

الجدير ذكره أن نظام الأسد استحدث ما يسمى بالاستئناس الحزبي والذي يهدف لاختيار أعضاء من حزب البعث لشغل مقاعد الحزب في مجلس الشعب والتي تشكل غالبية مقاعد المجلس البالغ عددها 250 مقعدا.

وبحسب مصادر مطلعة؛ فإن نظام الأسد رفض نتائج الاستئناس وأصدر قائمة بممثلين الحزب في مجلس الشعب، جلهم من الشخصيات التي ارتكبت مجازر بحق السوريين أمثال قائد ميليشيات الدفاع الوطني في منطقة السلمية.

وكانت ظهرت شخصيات مقربة من كيانات إيرانية في سوريا، ورجال أعمال معاقبون أمريكيا وأوروبيا، رشحوا أنفسهم إلى مجلس الشعب، ومن أبرز هؤلاء الأشخاص، القائد في الدفاع الوطني، خير الله عبد الباري، وقائد ميليشيا كتائب البعث، باسم سودان، والمرشح عبد الإله العبدو المدعوم من قبل لواء القدس.

ويولي النظام السوري اهتماما كبيرا بانتخابات مجلس الشعب، كرسالة إلى المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات في وقتها وفق الدستور، في حين تقابل هذه الانتخابات بتشكيك واسع من قبل المعارضة، خاصة مع احتلال الجبهة الوطنية التقدمية معظم المقاعد في المجلس.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيس جيفري، اعتبر في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط، في أيار الماضي، أن الأسد إذا عقد الانتخابات الرئاسية خلال العام الحالي أو في العام المقبل، فلن يحظى بأي مصداقية دولية تذكر، وستقابل بالرفض التام من جانب المجتمع الدولي.

إيران إنسايدر

مقالات متعلقة

الاثنين, 20 يوليو - 2020