عراقيون يمتعضون من زيارة جواد ظريف: "غير مرحب بك في العراق"

أطلق نشطاء عراقيون وسما على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنوا فيه رفضهم وامتعاضهم من زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بغداد، اليوم الأحد.  

وأعلنت وزارة الخارجية في العراق، يوم السبت، عن زيارة رسمية يقوم بها جواد ظريف إلى بغداد يوم الأحد لبحث العلاقات بين البلدين.

وتحت وسم "#ظريف_غير_مرحب_بك_في_العراق" ضج موقع تويتر بعد ساعات من الإعلان عن الزيارة بأكثر من 3500 تغريدة رافضة لزيارة وزير الخارجية إيران.

وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء العراق مصطفى الكاظمي لزيارة السعودية، بعد غد الاثنين، في أول وجهة خارجية له منذ توليه المنصب.

وقال السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي، إن هدف الزيارة تقوية العلاقات بين إيران والعراق.

وسيلتقي ظريف خلال هذه الزيارة مع رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ورئيس تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.

واعتبر نشطاء أن الزيارة هدفها إبعاد العراق عن دول الخليج وخاصة السعودية، في ظل توقيع اتفاقيات جديدة تخص الطاقة، بعد أن ظلت إيران تحتكر تصدير الكهرباء إلى العراق لسنوات وتمنعه من الاستثمار في موارده النفطية.

وأعلنت الحكومة العراقية مؤخرا عن اتفاق لتفعيل الربط الكهربائي مع السعودية، وتطوير سوق الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار والمشاركة في تمويل مشروعات توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية (المتجددة والتقليدية) في العراق، هذا بالإضافة إلى ما تم توقيعه في عهد الحكومة السابقة من عقود لإنشاء منشآت لمعالجة الغاز في جميع الحقول النفطية بالبلاد.

والعام الماضي في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، افتتحت السعودية قنصليتها في بغداد لتباشر بمنح تأشيرات الدخول للمسافرين العراقيين من بغداد، من دون الحاجة لاستخراجها من الأردن كما كان سابقا.

وقالت إنها ستفتتح ثلاث قنصليات أخرى في محافظات مختلفة، وأعنت تقديم منحة للعراق قدرها مليار دولار لبناء مدينة رياضية في العاصمة.

وكانت السعودية متحفظة في علاقتها مع العراق بعد عام 2003، بسبب دور إيران المتصاعد، لكنها شهدت تحسنا تدريجيا في عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، الذي زار المملكة عام 2017.

وشهدت العلاقات العراقية السعودية تحسنا في السنوات الثلاث الماضية، كان من ثمرتها تشكيل المجلس التنسيقي العراقي – السعودي، الذي أصدر رئيس الوزراء قرارا بتشكيل الهيئة الجديدة له قبل أيام.

ومع رغبة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في اتباع سياسة تنويع الحلفاء وعدم حصر البلاد في محور إيران، تلوح آفاق جديدة لارتقاء العلاقات الثنائية بين بغداد والرياض.

السعودية أولا

واختار الكاظمي، العاصمة السعودية الرياض وجهة لأول زيارة خارجية له بعد تسلمه السلطة. الزيارة لها مبرراتها الاقتصادية التي تفرض عليه وعلى الدولة العراقية تقديم أولوياتهم الاقتصادية على السياسة، التي أضرّت بمصالح العراق والعراقيين عندما تم ربطها بمواقف عقائدية ومصالح غير وطنية منذ 17 عاما. 

مما لا شك فيه أن هذه الزيارة ستُغضب خصومه ومعارضيه، وترفع نسبة قلقهم من توجهاته الداخلية والخارجية، خصوصا أنها تملك احتمالات نجاح كبيرة، الأمر الذي سيساعده على تعزيز حضوره داخل مؤسسات الدولة وتعطيه دفعة قوية في تنفيذ سياسة التمكين الحذرة التي يتَبعها منذ تشكيله الحكومة.

كما أن هذه الزيارة ستضاعف علامات الاستفهام الإيرانية حول مواقف مصطفى الكاظمي تجاهها، وهي على ما يبدو أنها سترسل وزير خارجيتها بشكل عاجل إلى بغداد عشية الزيارة للرياض ليس فقط بهدف الاستطلاع ولكن أيضا بداعي الاستفهام.

لا يمكن لطهران أن تفرض شروطها على الكاظمي كما فعلت مع أسلافه، فهي داخليا وخارجيا وعراقيا ليست في الموقع القوي القادر على التحكم كما كانت سابقا، وحتى خيار إشغاله داخليا وإرباكه بات مكشوفا وتداعياته خطيرة عليها وعلى أتباعها، الذين تراجعت مصداقيتهم وفشلت طروحاتهم بعدما خسروا فرصتهم التاريخية التي لن تتكرر في حكم العراق.

في المقابل حتى الآن يمارس الكاظمي سياسة واقعية مع بعض التمرد المدروس، فواقعيته تُحتم عليه تفهم الحساسية الإيرانية والاعتبارات الجغرافية والثقافية والروحية التي فرّطت بها طهران لصالح مشاريع مسلحة أضرّت بعلاقتها مع العراقيين الذين يحملونها بشكل من الأشكال مسؤولية ما وصلت إليه الأمور في بلادهم. ولكن بالرغم من تراجع دورها وتشتت جماعتها، إلا أنه ليس بوارد التصادم معها أو معهم، لما فيه من خدمة لجهات لم تعد ترى غير الفوضى للحفاظ على هيمنتها.

مأزق طهران الحالي مع العراق يمكن اختصاره بمقولة "فاقد الشيء لا يعطيه" فما يحتاجه العراق في هذه المرحلة بعيد جدا عن عروضها العقائدية ومشاريعها المُسلحة وسياسات المحاور، وأزمتها العميقة أنها غير مستعدة للاعتراف أن ما يحتاجه العراق حتى يحافظ على ما تبقى من استقراره إلى سياسة حياد إيجابي والابتعاد عن سياسات المحاور وبناء علاقة ثقة واحترام مع كافة جيرانه.

إيران إنسايدر + الأمة

مقالات متعلقة

الأحد, 19 يوليو - 2020