تضاعفت حالات الانتحار في لبنان الذي يعاني من ضائقة اقتصادية بدأت آثارها تظهر في كافة مناحي الحياة.
وتشير إحصائيات –غير رسمية- إلى أن عدد حالات الانتحار، تجاوز الـ340 حالة، حتى اليوم، مقارنة بـ171 حالة خلال عام 2019.
وقال أيمن رحمة، وهو مسؤول التواصل بجمعية إمبرايس، إن عدد بلاغات الانتحار تضاعف، وترواحت بين 400 و500 بلاغ شهريا، بعد أن كانت قرابة 200 شهريا في عام 2019.
وأضاف "بين أغسطس/آب وديسمبر/ كانون الأوّل الماضيين، تلقينا نحو 788 اتصالا بشأن حالات انتحار، فيما تلقينا 1768 اتصالا خلال الفترة الممتدة بين يناير/ كانون ثان وأبريل/نيسان الماضيين"، بحسب رحمة.
وعزا أسباب تنامي الظاهرة إلى "تداعيات جائحة كورونا والحجر المنزلي والعنف الأسري، إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان".
وأوضح في حديث مع "وكالة الأناضول"، أن "نحو 90 بالمئة من الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار يعانون أمراضا نفسيّة، وبالتالي فإن الوقاية بالتوعية والتشجيع ضروريا لتفادي تنامي تلك الظاهرة".
بدورها، قالت الأخصائية والمعالجة النفسية لانا قصقص، إنّ "الدعم النفسي لمن يعانون أفكارا سوداوية أمر مهم".
وأضافت "يمرّ لبنان بأوضاع سياسية واقتصادية ومالية غير مستقرّة، دفعت المواطنين وخاصة الفئة العمرية من الشباب إلى القلق والاكتئاب والإرهاق النفسي".
ويحذر مراقبون من تضاعف أعداد المنتحرين في لبنان مؤخرا، على وقع أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، خلفت احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
وبتنامي ظاهرة الانتحار، سيما بين الشباب، تشير أصابع الاتهام إلى إخفاقات سياسية واقتصادية واجتماعية يمر بها البلد العربي المأزوم.
انهيار اقتصادي
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، أدت إلى ارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان يعيشون تحت خط الفقر، وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءا من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خاليا من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وتدهور مستوى معيشة اللبنانيين بشكل غير مسبوق، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني وانهيار قيمة العملة اللبنانية حيال الدولار، وتخطت الزيادة على أسعار السلع الـ100 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، ونحو 500 في المائة مع بعض السلع منذ بدء الأزمة المالية نهاية العام الماضي.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تضاعفت أسعار السلع الغذائية يوميا مع ارتفاع سعر الدولار، وبات المستهلك في سباق مع الزمن، يحاول شراء ما يستطيع شراءه خوفا من ارتفاع سعره في اليوم التالي، ولا سيّما أن ارتفاع الأسعار يقابله ثبات في الرواتب التي تخسر قيمتها يوما بعد يوم.
وارتفع سعر الأجبان والزيت النباتي والشاي والحليب، ثلاثة أضعاف عما كان عليه في السابق، فيما ارتفع سعر الخبز بنسبة 25 في المائة، بينما سعر الحبوب مثل الفاصولياء والعدس ارتفع ضعفين.
وتعثرت محادثات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، التي بدأت في أيار/مايو الماضي، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
واستشعر اللبنانيون هاجس الانهيار منذ شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وأن بلدهم يمشي بخطى ثابتة نحو المجهول في ظل أزمات غير مسبوقة تتفجر تباعا في كافة مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة.
وبدأت الأزمات المتلاحقة من شحّ الدولار مرورا بالخبز والمحروقات وكارثة الحرائق التي فشلت أيضا السلطة اللبنانية بالسيطرة عليها، حالها حال الأزمات الأخرى كالفقر والبطالة والفساد المستشري.
ثورة تشرين
وخرج اللبنانيون طوال أشهر للمطالبة بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ويعلنون رفض الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء الحالي حسان دياب، ويعتبرون أنها حكومة لون واحد وغير قادرة على حل مشاكل البلاد الاقتصادية كون أن "حزب الله" أبرز الداعمين لها منذ ولادتها.
ريتا مارالله – إيران إنسايدر