حسم حزب الله وزعيمه حسن نصرالله الأمر بشأن تعزيز مهام قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في الجنوب اللبناني من جهة، والحديث المتصاعد عن مراقبة دولية للمعابر غير الشرعية مع سوريا من جهة أخرى، تزامنا مع تحريك قاعدة الشعبية ضد دوريات ومراكز القوة الأممية في بعض القرى.
زعيم "حزب الله" حسن نصرالله وخلال مقابلة إذاعية أمس بمناسبة مرور 20 عاماً على خروج إسرائيل من جنوب لبنان، رفض طلب تعزيز مهام قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) من الجنوب.
وأتى موقف نصر الله قبل تصويت مجلس الأمن الدولي هذا الصيف على تجديد التفويض الممنوح لليونيفيل، معتبرا أن "الأميركيين، نتيجة المطالب الإسرائيلية، يطرحون موضوع تغيير مهمّة اليونيفيل"، وأضاف: "إذا كانوا يريدون خفض العدد أو زيادته، الموضوع لا يقدّم أو لا يؤخّر، نحن لسنا ضدّ بقاء اليونفيل، لكن يخطئ الأميركي إذا كان يعتبر أنّ هذه ورقة ضغط على لبنان".
وفي أغسطس الفائت، صوّت مجلس الأمن الدولي على تمديد التفويض الممنوح لليونيفيل لمدة عام، لكنّ القرار تضمّن مطلباً، قال دبلوماسيون إنّ الولايات المتحدة أصرّت عليه، يفرض على الأمين العام للأمم المتحدة إجراء تقييم لمهمّة اليونيفيل وقوامها قبل الأول من يونيو 2020.
وفي مطلع مايو الجاري أعلنت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت أنّ اليونيفيل "مُنعت من تنفيذ تفويضها" وأنّ حزب الله "تمكّن من تسليح نفسه وتوسيع عملياته، مما يعرّض الشعب اللبناني للخطر".
وفي حينه كتبت السفيرة الأميركية على تويتر أنّه يجب على مجلس الأمن "إمّا أن يسعى لتغيير جذري من أجل تعزيز اليونيفيل وإما إعادة تنظيم وحداتها ومواردها لتكليفها بمهام يمكنها القيام بها بالفعل".
المعابر وقانون قيصر
يمكن ان تكون رسالة نصر الله بشأن اليونيفيل ليست جديدة، ولكن الرسالة الثانية التي أراد نصرالله إيصالها أيضا تهدف لنسف الحديث المستجد في لبنان عن إغلاق المعابر غير الشرعية مع سوريا ومراقبتها من الجهات الدولية، وخصوصا مع اقتراب تطبيق "قانون قيصر" الذي يهدف الى معاقبة النظام السوري وحلفائه في روسيا وإيران وحزب الله حتما في لبنان.
ومن المتوقع مع إقرار تطبيق القانون أن تتضاعف العقوبات الموجعة على الحزب، وهذا ما دفعه إلى بدء حملة قادها نصرالله شخصيا تحت عنوان "أهمية عودة العلاقات مع سوريا"، وخصوصا في موضوع ضبط المعابر البرّية غير الشرعية وعمليات التهريب التي تجري عبرها، كونه المستفيد الأول في نقل العتاد والعتيد عبرها من وإلى دمشق.
وقال نصرالله في 13 مايو الفائت، إن "لبنان وحده لا يمكنه أن يعالج هذه المشكلة"، داعيا إلى "تعاون بين الدولتين، بين الجيشين، بين المؤسسات الأمنية في البلدين"، وتابع: "هذا الأمر طريقه الوحيد هو التعاون الثنائي بين حكومتي وجيشي لبنان وسوريا (...)".
عصا أهل الجنوب
كلام نصرالله عن اليونيفيل لم يأت في سياق منفرد، فقد أتى تصريحه غداة إشكال وقع ليل الإثنين - الثلاثاء بين عناصر دورية من الكتيبة الفنلندية التابعة لقوة اليونيفيل وعدد من أهالي بلدة بليدا الجنوبية، حيث قطع شبان البلدة الطريق على العناصر قبل أن يتم إخراجهم بمؤازرة أمنية مشدّدة من الجيش اللبناني.
وفي بيان مشترك صدر الثلاثاء، اتّهمت بلديات المنطقة عناصر راجلة من الدورية "بالدخول إلى كروم وملكيات خاصة للأهالي والتفتيش فيها"، مشدّدة على أنّ "هذا أمر مستهجن ومرفوض بشكل قاطع وكلّي".
وليست بلدة بليدا وحدها في الجنوب من شعرت فجأة بأن عناصر اليونيفيل "مزعجون"، فقد استنكر أهالي بلدة ميس الجبل - سكان منطقة المفيلحة في بيان "الإزعاج الذي يتسبب به مركز اليونيفيل في المفيلحة".
وتوجهوا إلى "المعنيين في الجيش وبلدية ميس الجبل، للتدخل سريعا ووضع حد للتمادي والضرر والإزعاج الذي يتسبب به مركز اليونيفيل في المفيلحة، فأصوات مولدات الكهرباء المزعجة التي تكاد لا تنطفئ وهي بدون كواتم صوت وملاصقة للمنازل، والموسيقى الصاخبة والمزعجة ليل نهار، والكلاب الشاردة والمفترسة التي تهاجم البيوت وتتعرض للأولاد وتفتك بالمزروعات، هذه الأمور كلها، وغيرها من المشاكل اليومية التي تواجه منطقتنا وأهلنا".
إشارة إلى أن اليونيفيل أنشأت في 1978، وتمّ تعزيزها بعد حرب دارت بين إسرائيل وحزب الله على مدى 33 يوماً في صيف 2006 وانتهت بصدور قرار دولي أرسى وقفاً للأعمال الحربية وعزّز من انتشار اليونيفيل ومهامها إذ كلّفها مراقبة وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من منطقة منزوعة السلاح على الحدود بين البلدين.
وبموجب التفويض الممنوح لها، يمكن أن يبلغ عديد اليونيفيل 10 آلاف جندي مهمتهم مراقبة الهدنة ومساعدة القوات المسلّحة اللبنانية على تأمين الحدود.
المصدر: الحرة