مؤشرات المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران.. صراع الإرادات

يتصاعد التوتر بين أمريكا وإيران، على خلفية تحرش مجموعة من الزوارق العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني بالبوارج الأمريكية في مياه الخليج العربي، بالتزامن مع إعلان طهران عن إطلاق أول قمر صناعي مخصص للأغراض العسكرية قبل يومين، وبعد أسابيع من ضربات عسكرية في العراق استهدفت ميليشيات إيرانية تتلقى دعما عسكريا وماليا من إيران. 

تأهب إيراني

وتداولت صفحات محسوبة على طهران، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع تظهر تأهب صواريخ إيرانية مضادة للسفن قبالة مضيق هرمز، حيث تتواجد قطع حربية أمريكية.

وكان قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، أعلن استعداد بلاده لشن هجوم صاروخي على القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك ردا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيهه بفتح النار على الزوارق الإيرانية في المنطقة.

ووفقا لصحيفة "إم كا" الروسية، فإن الصواريخ المنشورة هي من طراز "نور"، التي يصل مداها إلى 120 كم، ويمكنها تهديد أي أهداف في مياه مضيق هرمز، الذي يربط منطقة الخليج بالمحيط الهندي، مشيرة إلى أن جميع السفن الحربية وناقلات النفط الأمريكية أصبحت تحت مرمى نيران تلك الصواريخ.

تحرش إيراني

وشهدت المنطقة قبل أيام احتكاكا بين سفن أمريكية وزوارق إيرانية، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن إيصال الوضع إلى حافة اشتباك قد يتطور إلى حرب شاملة.

وعلى خلفية الاستفزاز الإيراني، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمرا للبحرية الأمريكية بإطلاق النار على أي زوارق إيرانية تتحرش بسفن بلاده.

السبب المباشر لرسالة ترامب المقتضبة يرجع إلى الأسبوع الماضي، حين تحرشت زوارق سريعة مسلحة تابعة لفرع البحرية بالحرس الثوري الإيراني بمجموعة من السفن الحربية الأمريكية العابرة في الخليج، بحسب الولايات المتحدة.

وكان بين السفن الأمريكية، القاعدة الاستكشافية المتنقلة "يو إس إس لويس بي بولر"، وكذلك المدمرة "يو إس إس بول هاميلتون".

وتقول البحرية الأمريكية إنه في أحد الحوادث، مر زورق حربي إيراني بسرعة فائقة على بعد نحو تسعة أمتار من مقدمة سفينة لخفر السواحل الأمريكي.

وأقر الحرس الثوري الإيراني بحدوث مواجهة، لكنه ألقى اللوم على الأمريكيين.

وقال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسين سلامي، يوم الخميس إنه أمر قوات إيران البحرية "بتدمير أي قوة إرهابية أمريكية في الخليج"، على حد تعبيره، "تهدد أمن الجيش الإيراني أو الشحن المدني".

الخوف الآن هو أن تتحول المناورات العدائية وحرب الكلمات إلى أفعال.

ومع ذلك، فإنّ "أمر" الرئيس ترامب الذي أعلنه عبر موقع تويتر لا يغير الكثير.

فقادة السفن الحربية الأمريكية في الخليج مخولون بالفعل لاتخاذ أي إجراءات يعتقدون أنها ضرورية لحماية أرواح أطقمهم وسلامة سفنهم.

وهم معتادون على تكتيكات القوارب الإيرانية الصغيرة.

قمر صناعي عسكري

وكان أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أطلق بنجاح أول قمر صناعي مخصص للأغراض العسكرية.

وعادت الأنظار لمنطقة الشرق الأوسط كما كان الأمر اعتياديا قبل ظهور القاتل المتسلل المعروف بكورونا.

وحمل الصاروخ الإيراني قمرا صناعيا، الذي وصل للفضاء، ما أثار الغضب الأمريكي وتطور لتهديدات من قبل بحرية البلدين بالفعلِ وردة الفعل.

ويتساءل مراقبون "هل هذه التهديدات جدية؟ والأهم هل تستطيع كل من طهران وواشنطن تحملَ تبعاتِ أي تصعيد يؤدي للحرب"، مشيرين إلى أن التوقيت يطرح علاماتِ استفهامٍ بين من يظنُّ أنها تصديرُ أزمة وبين آخر يضعها في خانة النفط الذي صعد فوراً بسبب تلك التهديدات أو روايات أخرى.

كوفيد19

ويشعر بعض قادة إيران أنّ الولايات المتحدة، بالنظر إلى صراعاتها الداخلية، ليس لديها الكثير من الحماس لمواجهة في الخليج. وهناك خطر من أنّ تؤدي الفوضى وعدم اليقين بسبب أزمة كوفيد-19 إلى تعزيز المتشددين في إيران.

وبالمثل، فإن إدارة ترامب تعزز سياستها بممارسة "أقصى ضغط" على إيران، لاعتقادها على ما يبدو بأنّ الوباء يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار النظام الإسلامي في طهران. والغالبية العظمى من الخبراء الإقليميين الذين استمعت إليهم لا يتفقون مع هذا الاعتقاد.

ويبقى خطر اندلاع صراع من حادث عرضي أكبر من أي وقت مضى، وربما الآن بشكل أكبر، بالنظر إلى أنّ كلا من البلدين قد يسيء فهم تأثير جائحة فيروس كورونا على قدرة الآخر على التحرك.

الساحة العراقية

وكان وجه ترامب، تحذيرا لإيران بدفع ثمن باهظ جدا في حال مهاجمة القوات الأمريكية في العراق.

وغرد ترامب على حسابه في تويتر، قائلا "تؤكد معلومات وحقائق أن إيران أو وكلاءها يخططون لهجوم مباغت على قوات أمريكية أو منشآت في العراق. إذا حدث ذلك، فإن إيران ستدفع ثمنا باهظا جدا!".

وفي السياق، قال مسؤول أميركي لوكالة رويترز، إن معلومات المخابرات الأمريكية عن هجوم محتمل تدعمه إيران على القوات والمنشآت الأمريكية في العراق تشير إلى أنه سيكون هجوما يمكن نفيه وليس على غرار الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران في العراق في كانون الثاني/يناير.

وأضاف المسؤول -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن المخابرات الأمريكية تتتبع خيوطا منذ فترة بشأن هجوم محتمل تشنه إيران أو قوى تدعمها إيران.

ولم يكشف المسؤول المعلومات الخاصة بتوقيت الهجوم أو أهدافه على وجه الدقة.

هجمات محتملة

وأعرب عدد من المسؤولين الإيرانيين عن قلقهم من إعداد الولايات المتحدة لعمليات عسكرية محتملة تستهدف الميليشيات العراقية الموالية لإيران.

وكانت الولايات المتحدة نقلت جزء من قواتها من بعض القواعد العسكرية العراقية.

وأفادت تقارير بأن الولايات المتحدة زادت عدد أنظمة "باتريوت" المضادة للدفاع الجوي حول القواعد العسكرية العراقية حيث تنتشر قواتها.

وتم نشر إحدى بطاريات "باتريوت" في قاعدة عين الأسد الأسبوع الماضي، وفقا لمسؤول دفاع أميركي ومصدر عسكري عراقي، حسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" يوم الاثنين.

كما ذكرت صحيفتا "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" في الأيام الأخيرة، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تخطط للانتقام المحتمل من الميليشيات العراقية المتحالفة مع النظام الإيراني.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "القضاء على ميليشيات كتائب حزب الله العراقي على وجه الخصوص، على جدول أعمال البنتاغون".

وفي الأشهر الأخيرة، كثفت الميليشيات العراقية المدعومة من إيران هجماتها على الأهداف العسكرية والدبلوماسية الأميركية.

وبحسب وكالة" فرانس برس"، حذر رئيس الوزراء العراقي المستقيل، عادل عبد المهدي، يوم الاثنين من شن "أي عمل عسكري هجومي دون موافقة الحكومة العراقية"، لكنه لم يوضح من يقصد.

محمد إسماعيل – إيران إنسايدر

مقالات متعلقة

الأحد, 26 أبريل - 2020