مجلة أمريكية تسلط الضوء على حراك لبنان ومأزق حكومة "حـزب الله"

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في تقرير لها، إن الاحتجاجات اللبنانية لم تنته بعد رغم فشلها -حتى الآن- في تحقيق أهدافها.  

وأشار التقرير إلى أن "حزب الله" قمع هذه الاحتجاجات بسبب تورطه في النظام السياسي القائم هناك، إضافة إلى المخاوف من أن نجاح هذه الحركة قد يعني انقلاب حزب الله على النظام والحكم في لبنان كما حصل عام 2008.

وذكر التقرير أنه "عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع لأول مرة، أصدر حزب الله بيانات عبّر فيها عن التعاطف مع مطالبهم، متماشيا مع ادعائه التقليدي بالقتال للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة اللبنانية (التي ينتمي معظمها إلى الطائفة الشيعية في لبنان). ولكن على مدار وجوده، أصبح حزب الله طرفا راسخا في المجتمع اللبناني، وأصبحت اهتماماته الآن متشابكة مع مصالح المؤسسة".

وأوضح التقرير أن "حزب الله اتخذ القرار العملي بالوقوف إلى جانب المتظاهرين في البداية، لكن دعم التغييرات الشاملة التي طالب بها المحتجون هدد موقف الحزب. وعندما بدأت مفاوضات لتسمية بديل رئيس الوزراء سعد الحريري، أوضح زعيم حزب الله حسن نصر الله رفضه مشاركة المتظاهرين في تشكيل الحكومة. وتطور الموقف إلى اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين وقتال منتظم في الشوارع بين المحتجين وعصابات الدراجات النارية التابعة لحزب الله".

وتناول تقرير مجلة Foreign Policy "قصة علي وهو شيعي من جماعة حزب الله والذي رفض الكشف عن اسمه الأخير خشية الاعتداء عليه من قبل أنصار الحزب لأنه كان ناشطا في الاحتجاجات".

 وأوضح علي، بحسب ما ترجم موقع "العربية نت"، أنه "انضم إلى المظاهرات في اليوم الأول، وشارك في إقفال الطرق، وطلاء الكتابة على الجدران، وردد الشعارات". وقال "كنت أتطلع إلى الثورة لأنه لا يمكننا التغيير من دون ثورة". لكنه عبر عن قلق متزايد من الاحتجاجات التي تفقد قوتها، قائلا: "لقد صنعوا حكومة جديدة ويبدو أن 20 شخصا عشوائيا وافقوا على منح 20 شخصًا عشوائيًا بعض الوظائف، وهذا يعطيني شعورًا بأننا عانينا كثيرًا بلا مقابل".

وذكرت المجلة في صفحاتها أن "ساحة الشهداء تعرف بأنها مركز الاحتجاجات المستمرة منذ 4 أشهر، إذ دعا الآلاف من الناس الذين تجمعوا هناك إلى إزالة الطبقة السياسية الحاكمة، وإجراء انتخابات مبكرة، ووضع حد لنظام تقاسم السلطة الطائفي الذي أضفى الطابع المؤسسي على الفساد في البلاد".

خوف من اغتيالات

ويزيد التهديد الذي يمثله حزب الله من المشاكل التنظيمية الرئيسية لحركة الاحتجاج لا سيما افتقارها إلى هيكل القيادة. ويقول خليل حلو، وهو جنرال متقاعد في الجيش اللبناني وأحد أبرز أصوات حركة الاحتجاج، إن السبب وراء عدم تسمية المتظاهرين للقادة هو الخوف من تعرضهم للاغتيال. مضيفا "القوات التي نتعامل معها خطيرة، خصوصا القوات "أعني حزب الله". "لقد قتلوا أصوات المعارضة في عام 2005. ولا شيء يمنعهم الآن". ولقد اعترف حلو بأن الحركة لم تتجمع تحت مظلة واحدة "لأن (المحتجين) يأتون من خلفيات مختلفة، وأوساط اجتماعية مختلفة" و"ليس لديهم نضج سياسي".

وأضاف التقرير، على الرغم من أن طبيعة الحركة بلا قيادة ساعدت في تعزيز جاذبيتها الأولية، إذا استمرت في العمل دون توجيه شخص واحد (أو مجموعة من الأشخاص)، فإنها تخاطر بفقدان زخمها لأن الحركة السياسية الناجحة تتطلب في النهاية من قائد معروف إعطاء التوجيه، وفرض أجندة السياسة، واتخاذ إجراءات حاسمة.

وأخيرا أشار التقرير إلى أنه حتى الآن "كانت الحركة ناجحة بشكل كبير في لفت الانتباه الوطني والدولي إلى المشاكل العميقة للنظام الحاكم في لبنان. لكن المتظاهرين يريدون أن يفعلوا أكثر من مجرد لفت الانتباه، يجب أن تبدأ الحركة بتحديد ما تم كسره في النظام السياسي القائم في الاحتجاجات الخاصة بهم".

تعب مقترن بيأس

وأضاف التقرير أن "التجمعات أصبحت الآن أصغر حجما وهتافات "الثورة" - الكلمة العربية للثورة - أكثر ليونة"، وفيما "تستمر الاعتقالات، فإن بعض المحتجين يعتقدون أن السبب الحقيقي وراء انخفاض أعدادهم هو التعب المقترن بإحساس متزايد باليأس بشأن مستقبل الحركة".

واعتبر التقرير أن "حركة الاحتجاج نجحت في التعبير عن شعور واسع النطاق بالإحباط مع نظام فشل بشكل روتيني في توفير الوظائف والرعاية الصحية الميسورة التكلفة والتعليم، لكن المتظاهرين لم يتمكنوا حتى الآن من صياغة استراتيجية متماسكة طويلة الأجل للتغيير، لأنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء تطوير استراتيجية".

وتابع قائلا: "وفي يناير /كانون الثاني أي بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، تم تشكيل حكومة جديدة تتلاءم مع وضع حزب الله، لقد حصل المحتجون على حكومتهم الجديدة، لكن معظم المحتجين يتفقون على أن الحكومة الجديدة ليست أكثر من مجرد هيئة ظل تمثل المصالح الراسخة لحزب الله وحلفائه، وكلاهما اتخذ موقفا ضد المتظاهرين".

احتجاجات مرتجلة

وأشار التقرير إلى أنه "حتى الآن، كانت الاحتجاجات مرتجلة وتفتقر إلى أي رعاية سياسية ذات مغزى، وكانت أكثر بقليل من غضب شعبي عارم. وعلى الرغم من أن هذا النمط من السياسة أعطى الحركة في البداية درجة معينة من المصداقية، إلا أنه لم يفض إلى النهوض بخطة ورؤية محددة".

ورجح أنه "عندما يبدأ الوضع الراهن الجديد في الاستقرار، سيحتاج المتظاهرون إلى تطوير استراتيجية سياسية منظمة لإسقاط النخبة الحاكمة في صناديق الاقتراع. وإحدى العقبات الرئيسية التي يواجهونها هي إيجاد طريقة للتغلب على الدوافع الطائفية الافتراضية للناخبين. بخلاف ذلك، يمكن أن تنقسم الحركة على أسس طائفية، مما يعرضها لخطر أن تتغلب عليها النخبة الحاكمة التي تتمتع بخبرة سياسية أكبر بكثير من المحتجين".

ورأى التقرير أن "النخبة اللبنانية معتادة على مواجهة الحركات الجماهيرية. وعلى الرغم من أن الزعماء السياسيين لديهم القدرة على حل النظام الطائفي حسب الرغبة، فإن مصالحهم الجماعية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالوضع الراهن، وقد قاوموا كل المطالب المتعاقبة على التغيير".

وبحسب المجلة، "يواجه المتظاهرون ليس فقط عدوا ذكيا ولكن أيضا عدوا مسلحا. لقد هاجم أنصار حزب الله وحركة أمل، أحد حلفاء الحكومة الرئيسيين، المتظاهرين عدة مرات خلال الأشهر القليلة الماضية. كان هناك خوف واضح من استيلاء حزب الله على الشوارع، كما كان الحال في عام 2008 عندما تم تحدي سيطرته على الاتصالات ومطار لبنان".

مقالات متعلقة

الأربعاء, 19 فبراير - 2020