يواصل اللبنانيون حراكهم، لليوم الـ100 على التوالي، للتأكيد على تحقيق كامل مطالب الحراك، ورفضا للحكومة التي أعلن عن تشكيلها قبل أيام، مشددين على أنها حكومة تابعة للمنظومة الطائفية التي خرجوا لإسقاطها.
وقال نشطاء الحراك "لن نعطي الثقة لحكومة المصارف، لن نعطي فرصة للمنظومة السّياسية-الاقتصادية الحاكمة التي مارست بحقّنا العنف الاقتصادي والاجتماعي والأمني لسنوات".
شكل الحكومة المستقلة
وشدد نشطاء الحراك أن الحكومة التي يريدونها يجب أن تكون منحازة للناس، مستقلة من خارج المنظومة الطائفية التي سببت أزمات غير قادرة على معالجتها.
كما أكدوا أن الحكومة التي يطمحون لها في لبنان يجب أن تحمل برنامجا إنقاذيا يجنب الناس تكلفة الازمة المالية ويحملها للمنظومة الاقتصادية الحاكمة.
وقال نشطاء الحراك أنهم لن يعطوا الفرصة إلا لحكومة تقوم بإعادة هيكلة شاملة للدّين العام والقطاع المصرفي، وتوقف الاستدانة كحل لمشكلة العجز، وتستعيد أرباح المصارف التجارية من الهندسات المالية.
وأضافوا في بيانهم "لا فرصة إلّا لحكومة تحقق في تهريب الأموال وعمليّات تسهيل الأرباح غير الشرعية نتيجة السياسات المالية للحكومات والسياسات النقدية لمصرف لبنان".
وشددوا على أنه لا فرصة إلا لحكومة تتراجع عن الضرائب الجائرة، وتقر نظاما ضريبيا عادلا وتصاعديا فعليا يعيد توزيع الثروة ويحفز الإنتاج بدل الريع، وتحرر أموال صغار المودعين وأصحاب حسابات توطين الأجور في المصارف، وتضع القيود على كبار المودعين لمنع تهريب الأموال.
وقالوا إنه لا فرصة إلا لحكومة تغير النهج الاقتصادي والمالي بالكامل لتنقل البلد من نمط اقتصاد ريعي إلى نمط اقتصادي منتج، إضافة إلى إلغاء مجالس وصناديق الهدر والفساد.
وأكدوا أن الحكومة التي يريدونها يجب أن تضع سياسات رعاية اجتماعية تحمي الناس من آثار الأزمة الاقتصادية وتخلق صندوقا لدعم المعطلين والعاطلين عن العمل، وتعزز الإنفاق العام على التعليم والرعاية الصحية، وتعزز موازنة الجامعة اللبنانية، وتدعم إقرار قانون استقلاليّة القضاء وشفافيته وتحترم مبدأ فصل السلطات، وتقدم مشروعا يجعل ارتباط الفرد بالدولة مباشرا دون أي وسائط أو تراتبية في الانتماء من خلال سلة إصلاحات تتضمن قانونا جديدا مدنيا للأحوال الشخصية. قانون يطبق اللامركزية الإدارية الموسعة، قانون انتخابي جديد وعادل ونسبي خارج القيد الطائفي.
مظاهرات بمئوية الحراك
وانطلقت مظاهرات تحت شعار "لن ندفع الثمن" من ساحة ساسين باتجاه وزارة المالية فجمعية المصارف ومجلس النواب، وخلال مرور المتظاهرين بجانب وزارة الخارجية، طالبوا بإرجاع الملايين في إشارة صريحة إلى الوزير السابق جبران باسيل وما يلاحقه من اتهامات بالفساد وخصوصا بعد المقابلة في منتدى دافوس.
وانطلقت مظاهرة مشابهة من نقطة التجمع الرابعة في الدورة باتجاه بيروت والبرلمان تحديدا، على أن تسلك الطريق المؤدية الى شركة الكهرباء فجمعية المصارف ومجلس النواب.
ومن نقطة التجمع الأولي في تقاطع فردان قرب مشيخة العقل الدرزية، انطلقت مظاهرة باتجاه وزارة الداخلية وصولا إلى جمعية المصارف وختاما إلى مجلس النواب.
ومن نقطة التجمع الثانية من أمام ثكنة الحلو، انطلقت مظاهرة باتجاه مصرف لبنان وجمعية المصارف وانتهاء أمام مجلس النواب.
وخرجت مظاهرات في كل من البقاع وطرابلس ومدن لبنانية عدة تعلن رفض تشكيلة حكومة دياب وتدعو لإسقاطها وإسقاط نظام المحاصصة الطائفية.
إسقاط حكومة دياب
وعادت المظاهرات الحاشدة إلى الشارع اللبناني بعد الإعلان عن تشكيلة الحكومة برئاسة حسان دياب المقرب من حزب الله وحركة أمل.
ويعتبر المتظاهرون أن هذه الحكومة "فاشلة"، وأن آلية اختيار الوزراء خضعت لتدخلات ومحاصصة على ذات منوال الحكومات السابقة التي يرفضها الشارع اللبناني المنتفض في وجه الفاسدين .
ويرون أنها حكومة "إعادة تدوير شخصيات" تنتمي لذات الطبقة السياسية التي ينادي الشارع بعزلها، مشيرين إلى أنهم طالبوا بحكومة "تكنوقراط" وليس "تكنو محاصصة".
وانتقد ناشطون لبنانيون السيرة المهنية والسياسية لكثير من وزراء الحكومة الجديدة، وقالو إنهم "موالون لحزب الله ونظام الأسد في سوريا، وطائفيون، ومن دون أية مؤهلات"، وغيره من الأوصاف التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي بعد لحظات من إعلام مرسوم رئاسي صدر عن الرئيس ميشال عون الثلاثاء بتشكيل الحكومة الجديدة.
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات الذي انطلق في 17 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويعاني اللبنانيون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، وانهيار في سعر صرف الليرة، نتيجة الفساد المستشري والنظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر