تتخذ حركة الاحتجاجات في لبنان باتجاهين، الأول يطالب بتشكيل حكومة تكنوقراط واعتذار الرئيس المكلف حسان دياب، والثاني تركّز على المصارف التي يقول مراقبون إن الطبقة السياسية أو مقربين منها، يمتلكون منها 18 مصرفا من أصل 20. وتفرض المصارف منذ شهرين، قيودا خانقة على المواطنين وتمنعنهم من التصرف بحرية بأموالهم ورواتبهم الشهرية.
وتتواصل الاحتجاجات في لبنان، حيث تجمع مساء الأحد، عدد كبير من المحتجين أمام ساحة النجمة في العاصمة بيروت للمطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط واعتذار الرئيس المكلف، حسّان دياب، في ظل تدابير أمنية مشدّدة.
وعمد المحتجون إلى قطع الطريق عند جسر الرينغ، وذلك بعدما كان قسم كبير منهم قد تجمهر عند مدخل مجلس النواب وسط بيروت. وعلى الفور، حضرت قوة كبير من مكافحة الشغب إلى مكان التجمع على تقاطع برج الغزال - الرينغ، وعملت القوى الأمنية على تسهيل حركة المرور أمام المواطنين.
إلى ذلك، دعا المحتجون لمواصلة تحركهم والتجمع يوم الثلاثاء المقبل عند مدخل ساحة النجمة.
وفي وقت سابق، نظم الحراك المطلبي في الهرمل شرق لبنان، تجمعا أمام سراي الهرمل الحكومي، شارك فيه عشرات الناشطين، الذين رفعوا الأعلام اللبنانية والشعارات المطلبية، مطلقين صرخة بوجه "سياسات الإفقار"، وغلاء أسعار المحروقات و"الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار". وواكب عناصر قوى الأمن الداخلي، ذلك، باتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن وتحويل السير.
لعبة المصارف
وتركّزت التحركات الاحتجاجية في الأسابيع الأخيرة في لبنان على المصارف التي يقول مراقبون إن الطبقة السياسية أو مقربين منها، يمتلكون منها 18 مصرفا من أصل 20. وتفرض المصارف منذ شهرين، قيودا خانقة على المواطنين وتمنعنهم من التصرف بحرية بأموالهم ورواتبهم الشهرية.
وتسمح بعض المصارف للمودعين بسحب شهري قيمته 100 دولار فقط، بينما تسمح مصارف أخرى بسحب 200 دولار أسبوعيا. ولا تسمح المصارف بسحب الأموال بالدولار الأميركي حتى ولو كانت مودعة به.
وارتفع سعر الدولار لدى الصرافين صباح اليوم الخميس إلى 2360 ليرة لبنانية. فيما تعتمد المصارف السعر الرسمي للصرف الذي يحدده مصرف لبنان بـ1517 ليرة للدولار.
ويترتّب على ذلك خسائر كبيرة للمودعين بسبب الفارق بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر صرفه لدى الصرافين.
ودخلت مجموعات إلى عدة مصارف في بيروت للاحتجاج على السياسات التي تتبعها وكيفية تصرفها مع المودعين، فيما دخلت مجموعات أخرى للضغط من أجل الحصول على أموالها.
وانتشرت صور المودعين في أحد المصارف في بيروت وهم يقفون في طوابير تحت الأمطار، يحاولون الحصول على أموالهم. وعلّق البعض على المشهد قائلين إنه ذكرهم بالحرب الأهلية، "حين كان أهلهم يقفون في طوابير للحصول على الخبز".
واحتجز أحد البنوك في منطقة الأشرفية المحتجين داخله، كما طلب من الشرطة التي تقف على مداخل المصارف منذ بداية الأزمة، التدخل.
وعلى مدى الأسابيع الماضية توجهت مجموعات إلى فروع مصارف مختلفة في كلّ من بيروت وجنوب لبنان وجبل لبنان وشمال البلاد، لحثّها على دفع المبالغ الكاملة التي يطلبها المواطنون، وتمكّنت المجموعات في كلّ مرة من إجبار المصارف على الدفع.
وأغلقت بعض المصارف حسابات المودعين فيها، بعد نشرهم تفاصيل ما كان يحدث معهم داخلها، عندما كانوا يحاولون سحب أموالهم دون إعلامهم بذلك في الكثير من الأحيان. ولم يكتشف المودعون ذلك إلا عند محاولتهم استخدام بطاقاتهم المصرفية.
ورمت الشرطة الأسبوع الماضي قنابل الغاز المسيلة للدموع على محتجين دخلوا أحد المصارف في شمال لبنان. كما أطلقت الرصاص الحي في الهواء.
وأُحرق مصرفان في منطقتين مختلفتين من لبنان.
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات الذي انطلق في 17 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر