يواصل اللبنانيون حراكهم السلمي المطالب بتشكيل حكومة من رحم الحراك الشعبي المطالب بإسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية ومحاسبة الفاسدين وتكليف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن الأحزاب والتيارات السياسية.
وتجمع عشرات المتظاهرين، يوم السبت، أمام منزل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية حسان دياب، في منطقة تلة الخياط.
وهتف المحتجون بشعارات تطالبه بالتنحي عن تشكيل الحكومة، مشددين على أن يكون رئيس الحكومة من رحم الحراك حتى يستطيع محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
وأطلق عدد من المحتجين مفرقعات بالقرب من المنزل، وسط انتشار كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي، وذلك بحسب ما أفادت به الوكالة الرسمية للأنباء في لبنان.
وقال متظاهر أمام منزل رئيس الحكومة المكلف "نحن هنا لإسقاط حسان دياب، فهو لا يمثلنا وهو أحدهم"، في إشارة إلى أقطاب الحياة السياسية اللبنانية.
بدورها، اعتبرت متظاهرة تدعى لينا أنّه "يقع على الثورة تسمية رئيس الحكومة لاذ الأحزاب المشاركة في الحكم". وقالت "نريد منه تقديم خريطة طريق"، مضيفة "لا نريد أسماء، نريد خطط عمل، فما هي خطته؟".
وكان تكليف دياب بدعم من حزب الله أثار غضب فئة من المتظاهرين، وبالأخص مناصري رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري.
وقال مصادر إعلامية إنّ "العديد من المحتجين من مدينة طرابلس في شمال لبنان، شاركوا في التظاهرة أمام منزل دياب".
حكومة مصغرة
وكانت كشفت مصادر إعلامية، أن الحكومة التي يعتزم رئيس الوزراء المكلف حسان دياب، ستكون مصغرة بخطوات عملية بعيدة عن الحكومات الثلاثينية الفضفاضة التي اعتادها اللبنانيون في السنوات السابقة، مشيرة إلى أن عدد الوزراء لا يتجاوز عدد الوزراء الثمانية عشر وزيرا بحيث تكون حكومة استثنائية انتقالية.
وقالت المصادر إن تشكيل حكومة تكنوقراط ستساعد دياب على تقليص عدد الوزارات الذي كان يتم رفعه لتأمين التمثيل اللازم للكتل السياسية في مجلس النواب، لا سيما حقائب وزراء الدولة مع ضرورة الحفاظ فقط على الوزارات المرتبطة بإنقاذ الوضعين المالي والاقتصادي.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن دياب أطلع الرئيس ميشال عون على أسماء بعض الوزراء الجدد.
وأشار دياب في وقت سابق إلى أن هدفه تشكيل حكومة مصغرة من نحو 20 وزيرا، وأن تشكيلها قد يستغرق من 4 إلى 6 أسابيع.
في وقت ذكرت مصادر صحافية أن اتصالات جرت لاختصار مدة تشكيل الحكومة خلال مهلة لا تتجاوز الأسبوعين.
يذكر أنه وبعد 64 يوما على انطلاق الحراك الشعبي في لبنان واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، وبعد تأجيل الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد مرتين، تم تكليف الوزير السابق حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة بأكثرية 69 صوتا.
ومع أن رئيس الحكومة المكلّف هو شخصية غير سياسية وأقرب إلى التكنوقراط باعتباره أستاذا جامعيا وشغل منصب وزير التربية في وقت سابق، إلا أن الأكثرية التي حصل عليها أتت من فريق الثامن من آذار المحسوب على المحور الإيراني. إذ حصل على أصوات كتلة "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير جبران باسيل، وكتلة "التنمية والتحرير" برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة لـ"حزب الله"، إضافة إلى كتلة "اللقاء التشاوري" التي تضمّ 6 نواب سنّة معارضين للحريري.
رفض تكليف دياب
واحتشد آلاف المحتجين وسط العاصمة اللبنانية بيروت، يوم الأحد 22 كانون الأول/ديسمبر، رفضا لتكليف دياب بتشكيل الحكومة المقبلة.
ولم تسجل أي احتكاكات أو حالات توتر بين المحتجين وقوات الأمن رغم التواجد الأمني الكثيف وتمركز عناصر مكافحة الشغب، وسط العاصمة.
ويصر المحتجون على تشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
والخميس، نال دياب في الاستشارات النيابية الملزمة، بقصر الرئاسة، تأييد 69 نائبا، فيما حاز نواف سلام 13 صوتا، وحليمة قعقور صوتا واحدا، وامتنع نواب عن تسمية أي مرشح.
وأعلنت كتل برلمانية لبنانية، السبت، اعتزامها عدم المشاركة في الحكومة المقبلة برئاسة دياب، فيما أبدت أخرى استعدادها للتعاون معه بتشكيل الحكومة.
مطالب الثورة
ويصر المتظاهرون على إسقاط النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتهمونه بتكريس الفساد على مدار عقود، وسط إجماع شعبي من الحراك على مواصلة المظاهرات حتى تنفيذ مطالبهم بالكامل.
ويطالبون ببدء استشارات نيابية فورية من أجل تشكيل حكومة مصغرة مؤقتة ذات مهام محددة، من خارج مكونات الطبقة الحاكمة، وحددوا مهامها بما يلي: "إدارة الأزمة المالية وتخفيف عبء الدين العام، وإقرار قانون يحقق العدالة الضريبية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة تمثل الشعب، والقيام بحملة جدية لمناهضة الفساد ضمنها إقرار قوانين استقلالية القضاء واستعادة الأموال العامة المنهوبة".
ويشددون على أن "الحكومة المصغرة يجب أن تشكل من خارج كل قوى وأحزاب السلطة برئيسها/رئيستها وكامل أعضاءها"، مؤكدين أنه هذا هو مطلب الشارع، وأي بحث في حكومة لا تتطابق مع هذه المعايير وتخالف إرادة ومطالب الناس سيرتد بتصعيد في الشارع.
ريتا مارالله - إيران إنسايدر